تمرير

الجنينة، غرب دارفور: المساعدات الإنسانية تعود لكن الاحتياجات ما زالت موجودة

3 أكتوبر 2021
قصة
الدول ذات الصلة
السودان
شارك
طباعة:

د. هاشم جامع عمر عثمان طبيب سوداني يعمل مع أطباء بلا حدود منذ عام 2013. أمضى أربع سنوات مع منظمات دولية أخرى قبل انضمامه إلى أطباء بلا حدود. ومن حينها عمل في أنحاء السودان وفي مشاريع أطباء بلا حدود في الأردن ونيجيريا والصومال وإثيوبيا. يعمل حالياً مسؤولاً للإحالة الطبية مع مشروع أطباء بلا حدود في الجنينة.

"تعمل أطباء بلا حدود في دارفور منذ سنوات وقد أطلقت مشاريع في الجنينة، عاصمة غرب دارفور في فبراير/شباط 2021. تسبب النزاع في دارفور في مقتل مئات آلاف الأشخاص طيلة عقد من الزمن. ومع أن مستوى العنف قد تناقص فما زالت أحداث عنف تقع بين حين وآخر فيما بين المجتمعات.

في يناير/كانون الثاني وأبريل/نيسان أدى النزاع إلى مقتل أكثر من 150 شخصاً وأجبر أكثر من 100,000 على النزوح من منازلهم. أُحرقَ مخيم كريندينق للنازحين ما تسبب في تشريد ساكنيه من جديد. وآلاف اللاجئين الآن منتشرون في أكثر من 100 موقع مما يسمى بمواقع التجمع وهي عبارة عن تجمعات مخيمات عشوائية في مناطق مفتوحة أو مبانٍ حكومية في أنحاء المدينة. ومع إمكانية حدوث المزيد من العنف يخشى الكثير من الناس العودة إلى قراهم.

تدخلت أطباء بلا حدود بدايةً من خلال تقديم التدريب على التعامل مع الإصابات الجماعية ومعدات علاج الإصابات الجماعية إلى مستشفى الجنينة التعليمي. قررنا التدخل بمدى أطول بعد أن رأينا حاجة ماسة للماء النظيف والصرف الصحي والرعاية الصحية إضافة إلى الاستجابة الإنسانية غير الكافية. وفي الأماكن التي توجد فيها مرافق رعاية صحية، عادةً يشعر طرف واحد من المجتمع فقط بالأمان للذهاب إليها.

تشكل ظروف المعيشة المزرية في مواقع التجمع الظرف المناسب لتكاثر الأمراض. يعيش الناس في ملاجئ بسيطة مصنوعة من العيدان والصفائح البلاستيكية، والكثير منها يتهاوى عند هطول الأمطار. وقبل أن تبدأ أطباء بلا حدود تقديم الماء النظيف كان على النازحين شراء الماء بأنفسهم بسعر مرتفع. أنشأت أطباء بلا حدود مراحيض وركَّبت صنابير ماء، لكن مشكلة المجاري والمياه الآسنة والتغوط في الخلاء ما زالت قائمة.

في مارس/آذار، بدأت أطباء بلا حدود تسيير عيادات جوالة في خمسة مواقعِ تجمُّع ضمن مدينة الجنينة أولاً، كي يجد النازحون مكاناً يؤمن لهم الرعاية الصحية. وكانت هذه العيادات مشغولة على الدوام، ما يؤكد على حجم الفجوة في الخدمات المتاحة.

في أغسطس/آب، أطلقنا عيادات جوالة خارج الجنينة، في وادي راتي وكلكج، للوصول إلى السكان الذين لا يستطيعون القدوم بسهولة إلى المدينة. وتلتزم أطباء بلا حدود كمنظمة محايدة وغير متحيزة بتقديم الرعاية الصحية لجميع المرضى الذين يحتاجونها بغض النظر على أي جانب من جوانب النزاع كانوا.

في يونيو/حزيران فتحنا عيادة ثابتة في الجمارك حيث نشاهد عادة ما بين 250-300 مريض يومياً ويشمل ذلك أعداداً كبيرة من الأطفال المصابين بسوء تغذية متوسط وشديد. في الأسبوع الماضي استقبلت العيادة 50 طفلاً في مركز التغذية العلاجية الإسعافية وساعدت 19 امرأة في الولادة.

يعبر المرضى أيضاً الحدود من دولة تشاد المجاورة لمراجعة العيادة التي تقدم الرعاية الصحية الأولية واللقاحات للأطفال دون سن 18 شهراً وخدمات الصحة الجنسية والإنجابية والصحة النفسية وتضميد الجروح والإحالات ورعاية ضحايا العنف الجنسي

والجنساني. لذلك فحضور أطباء بلا حدود يملأ فجوة مهمة في الطب الوقائي والعلاجي لآلاف الناس المحرومين من الرعاية الصحية. ونود أيضاً أن نرى جهات أخرى تنشئ عيادات ثابتة في كل محليات الجنينة لضمان توفير الخدمات للجميع.

كما تدعم أطباء بلا حدود مالياً طواقم وزارة الصحة المُعارين لعياداتنا وتطور مهاراتهم، وقد بدأنا في الآونة الأخيرة تقديم الماء والصرف الصحي لمستشفى الجنينة التعليمي الذي نحيل إليه المرضى المحتاجين للاستشفاء. كما سنبدأ دعم قسمي طب الأطفال والتغذية الداخلية، إضافة إلى تعزيز تدابير مكافحة العدوى والسيطرة عليها.

في بداية وصولنا، وجدنا مناطق كاملة من حي الجبل محترقة فقد أُضرمت النار في ملاجئ ومتاجر الناس خلال الصدامات، أما الأهالي فقد فرُّوا. وإذ بدأ الوضع يهدأ خلال الشهرين الماضيين بدأ الناس بالعودة وإعادة البناء. وتوجد حاجة كبيرة للدعم في مجال التغذية واللقاحات ورعاية المرضى الخارجيين. كما توفر أطباء بلا حدود العيادات الجوالة هنا خمسة أيام في الأسبوع وندرب حالياً عمال الصحة المجتمعية على كيفية التعرف على حالات سوء التغذية وفحصها. ويجب أن لا نكون الجهة الوحيدة التي تفعل ذلك – ينبغي على جميع الجهات الإنسانية أن تقدم الرعاية الصحية والخدمات الأخرى لجميع المجتمعات المتضررة بالنزاع.

وعلاوة على كل ذلك، يواجه الناس في الجنينة ومحيطها خطر تفشي الأوبئة. وإذا لم يفعل أحد شيئاً لتحسين وضع الماء والصرف الصحي في هذه المواقع فخطر الكوليرا سيكون محدقاً.

تدعم أطباء بلا حدود وزارة الصحة في التحضير لخطة من أجل الكوليرا بما في ذلك التدريب وصياغة البروتوكولات وإنشاء مراكز ووحدات لعلاج الكوليرا إذا ما ظهرت إصابات. وتثقف فرق التثقيف الصحي الناس حول مخاطر الأمراض المنقولة بالماء، لكن بدون حدوث تحسينات على المراحيض والنظافة الصحية فلن يتعدى الأمر جانب التوعية. وللأسف، تُقلص بعض الجهات هنا من أنشطتها أو تنسحب بالكامل نظراً لمشاكل في التمويل. وسيزيد هذا من تدهور صحة الناس.

ندعو الجهات الإنسانية الفاعلة والمانحين لفعل المزيد في سبيل دعم جميع الناس في الجنينة وما حولها. فالحاجة إلى تعزيز توفُّر الخدمات ودعم الوقاية من تفشي الأمراض لم تزل ملحة".