تمرير

بيروت بعد عام على الانفجار: تفاقم معاناة الناس بين كوفيد-19 والأزمة الاقتصادية

4 أغسطس 2021
قصة
الدول ذات الصلة
لبنان
شارك
طباعة:

دخل لبنان في حالة من الطوارئ منذ أواخر العام 2019، وألمّت به أزمة اقتصادية وعدم استقرار سياسي وتوترات اجتماعية كما استشرت فيه جائحة كوفيد-19. وجاء الانفجار المدمر الّذي عصف ببيروت في 4 أغسطس/آب 2020 ليضيف على الصعوبات التي يعيشها البلد. وبعد عام، بات سكان لبنان بحاجة ماسة إلى المساعدة الإنسانية. فقد دفعت الأوضاع بأكثر من نصفهم إلى الفقر المدقع، وأصبح الكثيرون لا يتحملون تكاليف الطعام والدواء، كفوزية الساحلي على سبيل المثال.

تقول فوزية من مطبخها الذي تعد فيه حساء الخضار، "جيراني أحضروا لي هذه الوجبة نهار أمس، لولاهم لما تمكنت من تناول الخضروات الطازجة. نحن لم نتذوق اللحم منذ عام كامل. فراتب ابني لا يكفي إلا لشراء الخبز والحبوب والعدس. هذا هو حالنا الآن".

تعاني السيدة البالغة من العمر 64 عامًا من مرض السكري وارتفاع ضغط الدم، علمًا أنها تحتاج إلى اتباع نظامٍ غذائيٍ غني بالفواكه والخضار. ولكنها تجد هي وعائلتها صعوبة في الحصول على هذه الأطعمة. يعمل أحد أبناء فوزية في متجر ويتلقى 10 آلاف ليرة لبنانية في اليوم لقاء عمله، أي ما يساوي اليوم أقل من دولار واحد في السوق الموازية. ونظرًا لأن أخاه عاطل عن العمل، أصبح معيل أسرته الوحيد. علاوة على ذلك، يعيش أفراد العائلة الثلاثة في منزل غير مكتمل لأنهم لا يستطيعون تحمل تكاليف إكمال بنائه.

تقصد فوزية منذ عامين عيادة منظمة أطباء بلا حدود في مدينة الهرمل في شمال لبنان للخضوع للفحوصات الدورية والحصول على الأدوية والأنسولين التي تحتاج إليها.

عقب الانفجار

وعلى غرار فوزية الساحلي، بات نصف الشعب اللبناني يعيش في فقر مدقع (أي بأقل من دولارًا واحدًا في اليوم الواحد). ومنذ عام 2019، انقلبت الحياة رأسًا على عقب في هذا البلد الصغير الّذي يتربع على الساحل الشرقي للبحر الأبيض المتوسط بعد أن ألمّت به أزمة اقتصادية وتضخم حاد وعدم استقرار سياسي وتفشي جائحة كوفيد-19. ثم جاء الانفجار الهائل الذي هز العاصمة بيروت في 4 أغسطس/آب 2020 ليضيف على الصعوبات التي يعيشها البلد.

لقد آل انفجار المرفأ إلى آثار مروعة، إذ أدّى إلى مقتل نحو 200 شخص وإصابة أكثر من 6,000 شخص بجروح وحرمان عشرات آلاف الأشخاص من منازلهم. كما دمّر الانفجار مرافق عامة كالمستشفيات والمستودع المركزي للسلطات الصحية، ما عطل عملية الحصول على الدواء لا سيما للمسنين والأشخاص المصابين بأمراض مزمنة.

وفي أعقاب الانفجار، تبرعت أطباء بلا حدود بمجموعات الإسعافات الأولية للدفاع المدني اللبناني وبالإمدادات الطبية والكمامات للصليب الأحمر اللبناني. هذا وعملت أطباء بلا حدود في الكرنتينا ومار مخايل وخندق الغميق، فعالجت في المواقع الثلاثة أكثر من 1,800 شخص مصابٍ جرّاء الانفجار و4,500 شخص مصابٍ بالأمراض المزمنة يحتاجون المساعدة الطبية.

كما قصدت فرق المنظّمة المنازل في المناطق المتضررة لتقييم احتياجات السكان. وركبت صهاريج المياه ووزعت مجموعات النظافة العامة ومطهرات المياه، كما وسعت من نطاق الدعم النفسي والاجتماعي.

وخلال الأسابيع التي تلت الانفجار، بلغت العديد من المستشفيات قدرتها الاستيعابية تقريبًا بسبب ارتفاع عدد مرضى كوفيد-19، فقد هرع الأشخاص الّذين أصيبوا في الانفجار إلى المستشفيات من دون اتخاذ أي إجراءات وقائية، إذ كان كوفيد-19 يشكّل آخر مخاوفهم آنذاك.

ومع الارتفاع الهائل في أعداد المصابين بكوفيد-19، دخل لبنان في حالة إقفال تام لأكثر من أسبوع. والجدير ذكره أن النظام الصحي العام كان يعاني نتيجة الأزمة الاقتصادية من نقص في الأدوية والإمدادات الطبية حتى قبل الجائحة، وزاد تفشي الجائحة من سوء الوضع.

نقص الأدوية

وبعد عام من الانفجار، ازدادت حاجة السكان إلى المساعدات الطبية والنفسية. في الوقت نفسه، بات الذهاب إلى المستشفى ترفًا لا ينعم به عدد كبير من السكان بسبب الكلفة العالية للرعاية الصحية الخاصة.

كما قصدت فرق المنظّمة المنازل في المناطق المتضررة لتقييم احتياجات السكان. وركبت صهاريج المياه ووزعت مجموعات النظافة العامة ومطهرات المياه، كما وسعت من نطاق الدعم النفسي والاجتماعي.

وخلال الأسابيع التي تلت الانفجار، بلغت العديد من المستشفيات قدرتها الاستيعابية تقريبًا بسبب ارتفاع عدد مرضى كوفيد-19، فقد هرع الأشخاص الّذين أصيبوا في الانفجار إلى المستشفيات من دون اتخاذ أي إجراءات وقائية، إذ كان كوفيد-19 يشكّل آخر مخاوفهم آنذاك.

ومع الارتفاع الهائل في أعداد المصابين بكوفيد-19، دخل لبنان في حالة إقفال تام لأكثر من أسبوع. والجدير ذكره أن النظام الصحي العام كان يعاني نتيجة الأزمة الاقتصادية من نقص في الأدوية والإمدادات الطبية حتى قبل الجائحة، وزاد تفشي الجائحة من سوء الوضع.

نقص الأدوية

وبعد عام من الانفجار، ازدادت حاجة السكان إلى المساعدات الطبية والنفسية. في الوقت نفسه، بات الذهاب إلى المستشفى ترفًا لا ينعم به عدد كبير من السكان بسبب الكلفة العالية للرعاية الصحية الخاصة.

ويشكل نقص الأدوية تحديًا فعليًا حتى للمنظمات كمنظمة أطباء بلا حدود. فنظرًا لصعوبة استيراد الشركات المحلية للأدوية إلى لبنان، تستورد أطباء بلا حدود معظم الأدوية الأساسية بنفسها. فقد رفعت أزمة الوقود المتفاقمة من تكاليف النقل وأثرت على الإمدادات الطبية والمرضى الّذين يحاولون الوصول إلى الرعاية الطبية على حد سواء.

مستقبل غير واضح المعالم


يعاني الكثير من الأشخاص في لبنان، سواء كانوا من اللبنانيين أو من اللاجئين، من التوتر والصدمات النفسية المرتبطة بالحروب أو بالنزوح. واليوم، تضيف هذه الظروف المعيشية عبئًا إضافيًا عليهم وتؤثر على صحتهم النفسية، إذ يعاني عدد كبير من الأشخاص الّذين يطلبون المساعدة النفسية من أطباء بلا حدود من الاكتئاب أو القلق أو اليأس.

وينتاب فوزية الساحلي شعور بالقلق على مستقبل أولادها، وخصوصاً ابنها العاطل عن العمل. ويلجأ هو أيضًا إلى عيادة أطباء بلا حدود في الهرمل لتلقي الدعم النفسي والاجتماعي.

انتهت فوزية من إعداد الوجبة وافترشت الأرض أمام صحون الأرز وحساء الخضار والخبز الأبيض. ويساور فوزية قلق دائم من المستقبل لكنها ما زالت تتحلى بشيءٍ من الأمل. يعيش اللبنانيون حالة من التضامن وتقدر فوزية الدعم الذي يقدمه لها مجتمعها، خصوصاً جيرانها الذين يحضرون لها الطعام والعاملون الاجتماعيون والأطباء في عيادة أطباء بلا حدود الذين يقدمون لها ولعائلتها الرعاية الطبية والنفسية والأدوية التي يحتاجونها.