تمرير

السرطان – بلاء يصيب النساء في إفريقيا

22 ديسمبر 2020
قصة
شارك
طباعة:

هناك الكثير من عدم المساواة في الحصول على فحص وعلاج السرطان في إفريقيا جنوب الصحراء. سرطان الثدي وسرطان عنق الرحم هما السرطانان الأكثر شيوعاً في القارة. وفي عام 2018 أنشأت أطباء بلا حدود مشاريع رائدة للنساء المصابات بالمرض في مالي وملاوي.

في حين نجد أن معدل العيش لخمس سنوات للنساء المصابات بسرطان الرحم في الدول عالية الدخل تبلغ أكثر من 85 في المئة، نجد أنها في إفريقيا لا تزيد عن 15 في المئة.

وتوضح كلير ريو، رئيسة مشروع أطباء بلا حدود الخاص بالأورام: "بالرغم من أن لدى بعض الدول أطباء متمرسين ومرافق مجهزة وإمدادات من أدوية العلاج الكيماوي فما زال هنالك العديد من المشاكل. أولاها هي نقص الفحص المنهجي الذي يؤدي إلى تأخُّر تشخيص الأورام. أكثر من 80 في المئة من النساء تصلن وهن في مرحلة متقدمة جداً من المرض".

الفحص المتأخر

المعرفة غير الكافية بالمرض، ونقص الوعي به بين الناس ونقص الطواقم المدربة والبنى التحتية في المناطق النائية هي بعض أسباب تأخُّر التشخيص. يصل المرضى وهم في المرحلة الثالثة أو الرابعة من السرطان، والتي تحد بشكل كبير من فرصة المريض في التعافي.

وتقول مريضة تُعالَج من قبل فرق أطباء بلا حدود في بلانتاير: "سمعت بسرطان عنق الرحم لأن إحدى زميلات الدراسة أصيبت به، وماتت بسببه. أُرسلَت إلى المستشفى لإجراء الفحص لها وتبين أن لديها سرطان. لكن المرض كان قد انتشر بالفعل إلى رحمها وأعضاء أخرى من جسمها ولم تتلق أي علاج. كانت تنتظر الموت فقط. كانت في الرابعة والعشرين من العمر".

وما يزيد من تعقيد هذه العوائق هي المعتقدات والمحظورات الاجتماعية والمخاوف التي ترتبط غالباً بالسرطان والتي تثبط المرضى عن طلب الرعاية. وتشرح بترا بيكر، رئيسة مشروع أطباء بلا حدود الخاص بالأورام في مالي: "كثيراً ما يواجه الناس الذين يصابون بالمرض وصمة تضطر النساء وأسرهم إلى إخفاء الأمر. وهذا سبب آخر خلف تأخُّر الكثير من النساء في المجيء للفحص". بعضهن تنتظرن لرؤية ما إذا كانت الأعراض ستبقى قبل اللجوء إلى المعالجين التقليديين على أمل أن يشفين. وما بين الأعراض الأولى إلى التشخيص قد يمر ما بين 4 إلى 18 أسبوعاً على أقل تقدير.

عوائق الحصول على العلاج

في بعض الدول بإفريقيا جنوب الصحراء تتكفل الدولة بتكاليف بعض أدوية السرطان والعلاج الإشعاعي، لكن نظراً لحجم الاحتياجات، فغالباً ما يكون هناك نقص في تلك المواد. إذ يبقى على المرضى أن يدفعوا لقاء الاستشارات الطبية والفحوص حتى عندما يضطرهم المرض إلى التوقف عن العمل.

في مالي، قد يكلف فحص بسيط بالأمواج فوق الصوتية أكثر من 100 ألف فرنك (نحو 152 يورو). وتضيف بيكر: "كثيراً ما تساهم الأسر بما لديها لدفع جزء من العلاج حتى ينفد ما لديها من مال. فيضيع كل ما قدموا. قد تمر بضعة أشهر قبل أن يعود المريض، وعندها ربما يكون الورم قد انتشر".

تدير أطباء بلا حدود ووزارة الصحة مشروعاً لعلاج الأورام في مستشفى بوينت جي الجامعي في باماكو، العاصمة المالية. يساعد المشروع النساء المصابات بسرطان الثدي وعنق الرحم اللواتي لديهن فرص تعافٍ جيدة من خلال العلاج الشفائي. وتضيف ريو: "عندما نُدخل مريضةً نعتني بكل شيء، أي أننا ندفع جميع تكاليف علاجها".

تساعد فرق أطباء بلا حدود في ملاوي السلطات الصحية المحلية في تحسين الفحوص وتقديم الاستشارات الطبية وعلاج المرضى الخارجيين من الآفات السرطانية وقبل السرطانية وتنظم حملات التثقيف الصحي المجتمعية. في عام 2018، استحدثت الفرق الجراحة التخصصية ورعاية المرضى المقيمين. كما تساعد أطباء بلا حدود وزارة الصحة في حملات لقاح فيروس الورم الحليمي البشري.

تخفيف الألم

توصل ريو القول: "قد يؤدي العلاج الكيماوي إلى آثار جانبية خطيرة كالألم والغثيان. والأدوية المخففة للألم في بعض البلدان إما لا تتوفر أو يجب أن يدفع المريض ثمنها. لذلك تقدم فرقنا رعاية إضافية لتساعد النساء على تحمُّل العلاج".

أما العلاجات الشفائية المتوفرة لمرضى السرطان من المرحلة الثالثة أو الرابعة فهي أقل، وغالباً ما لا تكون متوفرة البتة. وبالتالي لا يوجد خيار تخفيف الأعراض. وبالنسبة لفريق الرعاية لم تعد المسألة مسألة شفاء المريض بل تقديم الرعاية الملطِّفة للتخفيف عنهم ودعمهم في المستشفى أو في البيت.

وتواصل رئيسة مشروع علاج الأورام: "الرعاية الملطفة سواء في المستشفى أم في البيت مهمة جداً لضمان أن يحظى المريض بأفضل دعم ممكن عند نهاية الحياة. مقاربتنا تركز على المريض، فالهدف هو أن يكون هناك فريق متاح ليقدم للنساء الدعم البدني والنفسي والاجتماعي. وتشكل الأسرة بالإضافة إلى المرضى الآخرين جزءاً من حزمة الرعاية التي نقدمها. لا نتعامل فقط مع المرض بل مع كل شيء يصاحبه".

بالنسبة لبعض النساء التي يتخلى عنهن أزواجهن وأسرهن، قد يكون الأثر النفسي والاجتماعي للسرطان مدمراً. وتكمل ريو: "أذكر امرأة أصيبت بالسرطان وتشوهت بالكامل. زوجها تركها ولم تعد ابنتها ترغب في البقاء بقربها. شاهدت نساء كانت لديهن أسر تحبهن وانتهى بهن الحال وحيدات وفي وضع نفسي واجتماعي مضطرب". تخفيف الألم والدعم النفسي للمرضى عنصران أساسيان في برامج أطباء بلا حدود في مالي وملاوي.

وتختم ريو قائلة: "علينا أن نحافظ على مستوى عملنا ونعزز مشاريعنا للنساء المصابات بالسرطان. ويتوقع أن يشكل هذا الأمر عقبة على أطباء بلا حدود أن تكافحها في السنوات القادمة. لقد تحققت إنجازات ملموسة في علاج السرطان، لذلك من غير المقبول ألا تتوفر للناس الذين يعيشون في دول منخفضة الدخل".

تقدم أطباء بلا حدود حالياً علاج الأورام في ملاوي لسرطان عنق الرحم، وفي مالي لسرطان الثدي وسرطان عنق الرحم. كلا المشروعان افتتحا في عام 2018 وسرعان ما تطورا ليشملا حزمة شاملة تضم الفحص والاستشارات الخارجية والجراحة والرعاية الملطفة للمرضى الميؤوس من شفائهم. وقد ساعدت فرق أطباء بلا حدود في حملات التلقيح ضد فيروس الورم الحليمي البشري الذي تعتبر الإصابة به مسؤولة عن سرطان عنق الرحم.