بانغي، 7 مارس/آذار 2018 – وقعت حادثة اغتصاب جماعي في جمهورية إفريقيا الوسطى، حيث روت عشر نساء ناجيات ما حدث لهن، وذلك إثر نقلهن إلى مستشفى بوسانغوا وتقديم الرعاية الطبية الطارئة لهن من قبل كوادر من منظمة أطباء بلا حدود، المنظمة الطبية الإنسانية الدولية.
وكانت هؤلاء النساء وصلن يوم 3 مارس/آذار إلى مستشفى بوسانغوا، في غرب جمهورية إفريقيا الوسطى. ووفق ما قالته النساء فقد وقع الهجوم يوم 17 فبراير/شباط قرب قرية كيري ويري، التي تبعد عن بوسانغوا 56 كيلومتراً.
وقد كانت النساء ضمن مجموعة من نساء أخريات في الأحراش، يجلبن الماء ويغسلن الثياب ويعتنين بمحاصيلهن عندما قام عدد من الرجال من مجموعة محلية مسلحة باختطافهن. تمكنت بعض النساء من الهرب لكن البقية تم خطفهن وأخذهن إلى معسكر المجموعة. قام الرجال باغتصابهن عدة مرات على مدار اليوم قبل إطلاق سراحهن.
ويمثل هذا الاعتداء مثالاً آخر على كيفية استخدام العنف الجنسي ضد النساء كجزء من أعمال العنف الأشمل التي تُلِمُّ بالسكان.
وبسبب عدد من العوامل، منها الظرف الأمني المتقلب، والخوف من المزيد من العنف الجنسي والضغوط الثقافية، لم تتمكن النساء اللاتي حصلن على الرعاية الطبية من مغادرة قريتهن حتى يوم 2 مارس. وقد تمكنت منظمة إغاثية أخرى من إرسال دراجات نارية لإحضارهن إلى مستشفى بوسانغوا، الذي تعمل فيه أطباء بلا حدود. وقدم فريق أطباء بلا حدود الطبي الإسعافات الأولية بشكل فوري، ثم رعاية طب النساء ولقاح الكزاز والتهاب الكبد والدعم النفسي. ولسوء الحظ فقد تأخرن كثيراً للحصول على العلاج اللازم أخذه خلال الاثنتين وسبعين ساعة التالية للتعرض للاغتصاب لمنع عدوى فيروس نقص المناعة البشرية.
وقالت القابلة في مستشفى بوسانغوا، سوليماني-أموين: "كانت النساء اللاتي رأينا يتعافين بطريقة أو بأخرى لكنهن جميعاً تأذين نفسياً. بعضهن كن في حالة صدمة، والبعض الآخر كن شاخصات من الخوف، أو استصعبن الحديث عن الواقعة. بعض النساء كان عليهن جروح جديدة بالسكاكين. كانت رؤيتهن في ذلك الوضع بالغة القسوة. قدم فريق قسم الأمومة العلاج لهن بكرامة وتأنٍ، وأتاح لهن مساحة آمنة وسرية ليروين ما حدث".
وأفادت النساء بأن هنالك أخريات كن ضحايا لهذا الاعتداء لكنهن بقين في القرية ولم يأتوا إلى بوسانغوا بسبب وصمة العار، بما في ذلك الخوف من أن يُعزَلن من قبل مجتمعهن إذا ما تبين أنهن تعرضن للاغتصاب.
وقال رئيس بعثة أطباء بلا حدود في جمهورية إفريقيا الوسطى، بول بروكمان: "إننا نشعر بالصدمة والأسى من هذه الحادثة، كما يقلقنا أنه هنالك العديد من النساء اللاتي ما زلن بحاجة للرعاية الطبية الطارئة. إن هذا الاعتداء المروع يؤكد على واقع الحياة اليومية التي يعانيها الناس في جمهورية إفريقيا الوسطى، لا سيما النساء والأطفال منهم، وهم أكثر عرضة للاعتداء". وأضاف: "إن هذه هي إحدى تبعات الموجة الجديدة من العنف الذي لا يميز، والذي بدأ في نهاية عام 2016 ومازال مستمراً بدون انقطاع".
ويجعل هذا الاعتداء العدد الكلي لضحايا الاغتصاب والاعتداء الجنسي الذين عالجهم فريق أطباء بلا حدود في بوسانغوا، 56 ضحية من سبتمبر/أيلول 2017 حتى الوقت الحاضر. بينما كان عدد الضحايا في الفترة بين يناير/كانون الثاني إلى أغسطس/آب 2017 الذين عالجناهم 13 ضحية. وترجع هذه الزيادة إلى ارتفاع حدة العنف في المنطقة وتوسيع برنامج أطباء بلا حدود لمعالجة حالات العنف الجنسي.
تقدم أطباء بلا حدود الرعاية الطبية والدعم لضحايا العنف الجنسي في مواقع مختلفة في أنحاء جمهورية إفريقيا الوسطى. وقد عالجت فرق أطباء بلا حدود في مستشفى سيكا في بانغي ما معدله 300 ضحية اغتصاب واعتداء جنسي شهرياً في عام 2018، حيث يأتي الضحايا من العاصمة وأقاليم أخرى. وفي مستشفى كاستور للأمومة، وهو في بانغي أيضاً، تعالج فرق أطباء بلا حدود ما معدله 20 ضحية عنف جنسي وجنساني شهرياً، و10 آخرين في غبايا دومبيا. وفي المستشفى المجتمعي في بانغي الذي تدعمه أطباء بلا حدود منذ نهاية ديسمبر/كانون الأول، فقد عالجت فرق المنظمة 147 ضحية عنف جنسي.
ويتابع بول بروكمان محذراً: "الأمر الذي يبعث على القلق فيما يخص عدد حالات العنف الجنسي التي سجلناها هو أنه من المرجح أن يكون العدد الحقيقي أكبر بكثير. في بعض الحالات، أفادت فرقنا أنها عالجت أشخاصاً تعرضوا للاغتصاب قبل سنوات لكن لم تتوفر لهم الخدمات الطبية حتى حين قريب".
ويضيف: "إذا لم يتم فعل المزيد، وفي ظل تصاعد العنف، وتناقص أعداد مزودي الرعاية الصحية والبنية التحتية المتهاوية، فإن الوضع يدعو للقلق بشكل جدي أن الضحايا سيظلون يعانون بصمت من التبعات الخطيرة للاغتصاب مع ارتفاع عدد تلك الاعتداءات".