العاملون في مجال الصحة المجتمعية: شريان حياة من قبل الأهالي في المجتمعات المحاصرة بالعنف

Sudan violence
تمرير
5 ديسمبر 2022
قصة
الدول ذات الصلة
السودان
شارك
طباعة:

"خلال الأحداث العنيفة الأخيرة التي وقعت هنا، أدى الفريق عملًا رائعًا لمساعدة المصابين وتقديم الإسعافات الأولية لهم ثم إحالتهم إلى أقرب العيادات". هذا ما قالته انتصار محمد خميس، المشرفة على فريق التوعية الصحية لمنظمة أطباء بلا حدود في الجنينة وعلى 10 من العاملين المدربين في مجال الصحة المجتمعية الذين يعيشون في مواقع تجمع المختلفة.

في أبريل/نيسان 2022، ساعد العاملون في مجال الصحة المجتمعية – وهم رجال ونساء من العائلات النازحة يقدمون خدمات لمجتمعاتهم – وأمَّنوا استقرار حالات الجرحى خلال أيام القتال في الجنينة، عاصمة ولاية غرب دارفور في السودان. وقدم العاملون في مجال الصحة المجتمعية المساعدة عندما لم تتمكن فرق أطباء بلا حدود وغيرها من مقدمي الرعاية الصحية من التحرك بسبب القتال.

وأفادت التقارير بمقتل نحو 200 شخص خلال الهجوم العنيف في أبريل/نيسان على محلية كرينيك، الواقعة على بعد حوالي 80 كيلومترًا من الجنينة. وفي غضون ساعات، وصل العنف أيضًا إلى عاصمة الولاية. وأصيب كثر آخرون بجروح وشُرِّد ما يقرب من 87 ألف شخص، والآلاف منهم لم تكن المرة الأولى لهم.

وتقول إخلاص أبو بكر علي في هذا الصدد، "في اليوم الذي وصل فيه القتال إلى الملجأ وإلى حيِّنا، سمعت إطلاق نار كثيف. هربنا أنا وأطفالي، مع عائلات أخرى، حفاظًا على حياتنا". عادت إخلاص بعد فترة وجيزة مع بعض العائلات واستمرت في العمل كعاملة في الصحة المجتمعية مع أطباء بلا حدود عندما أعاد فريقنا تشغيل عيادة متنقلة في مبنى مدرسة فارغ في مايو/أيار. واخترنا المدرسة لأنها تقع في موقع مركزي ويمكن الوصول إليها لمختلف المجتمعات المجاورة من الأسر النازحة والمضيفة.

تبقى دارفور منذ عقود حبيسة دوامة من العنف والنزوح، تُشرّد الأسر وتسلب مجتمعات بأكملها سبل عيشها: الماشية والمحاصيل والأراضي الزراعية. وازدادت الهجمات العنيفة في غرب دارفور مرة أخرى على مدى السنتين الماضيتين.

وجدت إخلاص ملجأ في غرفة صغيرة وخانقة في مبنى المدرسة مع تسع نساء أخريات بالإضافة إلى أطفالهن. ونزحت مع أطفالها عدة مرات في العامين الماضيين. وتقول، "أحب عملي. فنحن نزور الناس في منازلهم في مواقع التجمع لتعزيز ممارسات النظافة الجيدة. أود أن أعود إلى الديار حالما يصبح الوضع آمنًا، حيث كنا نعيش ونعمل. كان لدينا مَزارع وكنا نعمل في الزراعة".

Sudan Violence

أنشأت فرقنا نموذجًا لا مركزيًا للرعاية في الجنينة ومحيطها، ودرّبت العاملين في مجال الصحة المجتمعية والمتطوعين وزودتهم بلوازم طبية لحالات الطوارئ. ويضمن هؤلاء الوصول إلى الرعاية الصحية في جميع الأوقات، وخاصة أثناء فترات ذروة العنف عندما يكون الناس محاصرين، وهو ما كان عليه الحال خلال الهجمات في أبريل/نيسان.

وأدى العاملون في مجال الصحة المجتمعية دورًا جوهريًا في ضمان الحصول على الإسعافات الأولية للأشخاص غير القادرين على الوصول إلى مرافق الرعاية الصحية أثناء القتال. ويعيش هؤلاء في أكثر من 100 موقع تجمّع غير رسمي منتشرة في جميع أنحاء المدينة، والتي تستضيف اليوم أكثر من 100 ألف شخص فرّوا من حالات متكرّرة من العنف المميت.

وتقول انتصار واصفةً عمل الفريق الذي شُكِّل في يونيو/حزيران، "نعمل في خمسة مواقع للتجمع ويضم كلٌّ منها عاملَيْن في مجال الصحة المجتمعية. كما نعمل مع العشرات من العاملين في مجال الصحة المجتمعية [الذين ليسوا ضمن طاقم عمل منظمة أطباء بلا حدود لكنهم يتلقون حوافز]. وينشر الفريق رسائل صحية للناس والأسر النازحة لتحسين الممارسات الصحية وزيادة الوعي بين المجتمعات حول الأمراض المعدية وكيفية حماية أنفسهم وأسرهم. كذلك يُجري العاملون فحوصات التغذية للأطفال. ونعمل أيضًا مع قادة المجتمع الذين يحضرون جلسات التوعية ويساعدون في نشر الرسائل".

ويقول العامل في مجال الصحة المجتمعية حيدر أبو القاسم آدم عن ما يحفّزه للعمل في موقع تجمع جامعة السودان المفتوحة، "نذهب إلى مواقع التجمع ستة أيام في الأسبوع لشرح كيفية الحفاظ على النظافة الجيدة ومنع انتشار الأمراض، وثني الأطفال عن اللعب بالقرب من المياه القذرة. تنتشر حالات الإسهال والملاريا كثيرًا هنا. كذلك أدرس التمريض في الجامعة هنا مما يسمح لي بمساعدة عائلتي ومجتمعي. وأنا أحب مساعدة الناس وهذا ما يقوم به الممرضون".

ويقدم العاملون في مجال الصحة المجتمعية الرعاية الصحية الأساسية، وينظمون دورات تثقيف صحي، ويؤَمِّنون استقرار الحالات للمرضى والمصابين. وفي النصف الأول من عام 2022، أجروا 90 في المئة من الإحالات إلى العيادات والمستشفيات في الجنينة.

في الأشهر المقبلة، ستنفِّذ منظمة أطباء بلا حدود نموذج الرعاية اللامركزية أيضًا في المجتمعات المضيفة والنازحة في محلية كرينيك ومحيطها.

منذ العام 2021، تعمل منظمة أطباء بلا حدود في مدينة الجنينة والمجتمعات المحيطة بها، ويدعم فريقنا أيضًا عن بُعد المستشفى في محلية كرينيك لتلبية احتياجات المجتمعات المتضررة من العنف والنازحة. وندعم جناح الأطفال في مستشفى الجنينة التعليمي وأقسام التغذية للمرضى المقيمين وغرفة الطوارئ، مع العمل على تعزيز تدابير الوقاية من العدوى ومكافحتها، وخدمات المياه والصرف الصحي. أدرنا سابقًا عيادة ثابتة حتى يوليو/تموز 2022 ونواصل تقديم المساعدة في العيادات المتنقلة وفي المواقع الميدانية في المدينة ومحيطها.