سنقدم لكم خلال شهر رمضان سلسلة مكونة من أربعة أجزاء تسلط الضوء على الجانب الإنساني لأزمة لاجئي الروهينغا. يمكنكم الاستماع وقراءة الجزء الرابع أدناه:
الجزء 4: الطبيب
الكاتب: د. إيان كروس
لم يكن وضع أزارا* يبدو على ما يرام. فقد كانت تلك الطفلة النحيلة ذات العشرة أعوام مستلقية في غرفة معتمة في مرفق الرعاية الصحية الذي تديره أطباء بلا حدود في مخيم كوتوبالونغ في بنغلاديش. فبعد أن فرَّت مع عائلتها عبر الحدود قبل أحد عشر يوماً، تم إدخالها العيادة إذ كانت تعاني من تشنجات مؤلمة في عضلات العمود الفقري تجعلها تحني ظهرها وتسبب لها انقباضاً في عضلات الفك وتشنجاً في الأطراف.
لقد كانت مصابةً بالكزاز، وهو مرض تم تقريباً القضاء عليه بفعل اللقاحات، لكن ليس في شمال غرب ميانمار، موطن هذه الطفلة. أبقينا الغرفة معتمة وهادئة للحد من تهييج الحواس الذي من شأنه إثارة نوبة أخرى من التشنجات.
كانت ساقاها متصلبتان وممددتان فيما أصابع قدميها مشدودة. حاولت أن تأكل بعض الطعام أمس لكنها لم تستطع أن تفتح فمها بما يكفي. نظرت الطفلة إلى والدها الذي كان يجلس متربعاً بجوارها على الفراش. بدأت الدموع تسيل على خديه. كنا نقوم بكل ما في وسعنا لتسريع تعافيها، لكن النتيجة كانت بطيئة.
نظرت الطفلة إلى والدها وقالت له بضعة كلمات من خلال أسنانها المصرورة.
"فسألت زميلتي البنغلاديشية الدكتورة شارما شيلا: "ماذا قالت الطفلة؟" فأخبرتني أنها طلبت من والدها أن يحتضنها."
بدا الوالد في ذهول، فهو لا يريد أن يتسبب لها بنوبة تشنجات جديدة. فقمت برفع الطفلة برفق إلى حضن والدها وطلبت منه أن يحتضنها.
ألقيت نظرة على أزارا وهي بين ذراعي والدها، ودُهِشتُ لما رأيت. فقد خفَّ التشنج العضلي بما يكفي لكي تثني ركبتيها بمقدار 60 درجة. أما فكها لم يعد منقبضاً وكانت تبتسم لوالدها بشكل واضح.
"كادت الدموع تتدفق من عيني. فالحب قد لا يكون عقاراً لكن له قوة تماثل قوة أي دواء."
توفر فرق أطباء بلا حدود اللقاحات للاجئي الروهينغا في بنغلاديش الذين لم يحصل الكثير منهم على الرعاية الصحية الأساسية أو اللقاحات بشكل منتظم، والتي من شأنها أن تسمح لهم بالعيش دون قلق من أمراض يمكن علاجها.
إليكم ما يمكنكم القيام به:
هذه الفعالية مصرحة من دائرة الشؤون الإسلامية والعمل الخيري (رقم الرخصة: 1064.(
* قمنا بتغيير اسم المريضة بطلب من أسرتها.