تمرير

السيدة الأولى الصغيرة في مستشفى كينيما

10 يوليو 2019
تدوينة
الدول ذات الصلة
سيراليون
شارك
طباعة:

بقلم: أماندا هويبور

في صبيحة يوم أربعاء اجتمع العشرات من أفراد الفريق الطبي على بوابة مستشفى أطباء بلا حدود الجديد في ضاحية كينيما في سيراليون. كان الجميع في حالة انتظار مرتدين لباسهم الطبي الأخضر بينما غمرت أشعة الشمس أرجاء المستشفى الفارغ في مدينة هانغا.

بمرافقة صيحات الابتهاج فُتِحت بوابة المستشفى. سنتان ونصف تقريباً من البناء وأشهرٌ من التخطيط والتدريب والتجهيز أوصلتنا إلى هذه اللحظة. وها نحن أولاء الآن، جاهزين لخدمة سكان الضاحية الشرقية من سيراليون.

أوّل المرضى

إحدى الحالات التي جُهِّزَ المستشفى للتعامل معها هي سوء التغذية. واتجه أعضاء مركز التغذية العلاجية للمرضى الداخليين إلى القسم الخاص مستعدين لاستقبال أول حالات سوء التغذية.

لاحقاً في ذلك اليوم تلقينا اتصالاً من غرفة الطوارئ يقول بأنه قد أُرسِلت إلينا أولى مرضانا الذين تم قبولهم للعلاج. كانت امرأة من كينيما تقايض البصل في السوق في بلدة هانغا حين سمعت عن افتتاح المستشفى الجديد فجاءت إلينا مصطحبةً ابنتها فوديا.

" في المرة الأولى التي بدأت فيها مريضتنا الجميلة بالتصفيق والغناء مع الفريق الطبي شعرت بمعنى وأهمية وجودنا هنا ".

أحضرت مجموعة من الممرضين ومساعدي الممرضين العاملين في غرف الطوارئ الأم، التي بدا عليها القلق، إلى القسم حاملين الطفلة البالغة خمسة عشرة شهراً من العمر. بدت الصغيرة متعبة وخائفة بينما مددتها أمها على السرير وبدأ ممرضو الطوارئ بتزويدنا بتقريرهم عن الحالة.

عانت فوديا من ارتفاع الحرارة ومن الإسهال على مدى شهر كامل، وزاد الأمرَ تعقيداً أنها كانت تعاني من سوء التغذية الحاد.

أبلغ فريق الإسعاف الممرضات في مركز التغذية بأن فوديا كانت قد أُدخِلَت سابقاً إلى مركز التغذية التكميلية في المستشفى الحكومي المركزي، لكن الأم لم تتمكن من الاستمرار في تأمين الأغذية العلاجية للصغيرة في برنامج معالجة المرضى الخارجيين.

أمرٌ مبهر

كلُ تصرفٍ كان يصدر عن المريضة الصغيرة كان يستجلب كافة أفراد فريق التمريض ومساعدي الممرضين ومسؤولي الصحة الاجتماعية إلى سريرها، فالجميع يملؤهم الحماس لمعالجة أول مريضةٍ في قسمنا.

كانت فوديا تبكي أثناء قيام الممرضين بلباسهم الأخضر بقياس طولها ووزنها ومحيط ذراعها وعلاماتها الحيوية. بينما كانت والدتها تراقب العمل بهدوء. أستطيع أن أتصوّر كم كان الأمر غريباً ومبهراً بالنسبة لها أن تكون في مستشفى جديد تم افتتاحه للتو وأن تكون المريضة الوحيدة الموجودة فيه.

حين رأيتُ الأم وقد امتلأت عيناها بالدموع بينما كانت تربط ابنتها لتحملها على ظهرها بوشاحها الملون خشيتُ أن تكون قد قررت مغادرة المستشفى. وحين صحبها أحد أعضاء فريق التمريض إلى الخارج لتهدئتها أخبرته بأنها تشعر بوحدةٍ شديدة في المستشفى.

ولكن أثناء ساعات النهار جلست الممرضات مع فوديا ووالدتها وأخذوا يشيدون بالأم ويغدقون عليها كلمات التشجيع محاولين رسم ابتسامةٍ على وجهها وإضفاء جوٍ من الألفة على ذلك النهار.

ها هي تكبر وتتماثل للشفاء

حين حان وقت إطعام الصغيرة للمرة الأولى بدأ فريق التمريض بالغناء والتصفيق، ورأينا طيف ابتسامة على وجه مريضتنا الصغيرة. لقد كانت في غاية الجمال.

وعلى مدى الأيام القليلة التالية رأيتُ الأمَّ والطفلة تتعافيان وتشرقان. في المرة الأولى التي بدأت فيها مريضتنا الحلوة بالتصفيق والغناء مع الممرضين في موعد تناول الطعام شعرتُ بمعنى وأهمية وجودنا هنا – وأنه بافتتاحنا لهذه المستشفى سنساعد العديد من الأطفال على الابتسام وعلى أن ينموا وهم بصحةٍ جيدة.

مع قبول مرضى آخرين في القسم، بدأ العاملون ينادون فوديا "السيدة الأولى الصغيرة"، ومع مرور الأيام كانت الطفلة تضحك وأصبحت ابتسامتها أكثر إشراقاً. وفي نهاية الأسبوع التالي امتلأت معظم الأسرة في مركز التغذية وحان الوقت لخروج الصغيرة التي كانت أول مرضانا.

حملت أم فوديا طفلتها في وشاحٍ ربطته على ظهرها وغادرت المستشفى حاملةً معها الأدوية وكمية من الأغذية العلاجية تكفي لتغذية الطفلة حتى موعد المراجعة في المركز الصحي العمومي. يمكنك أن ترى صورةً لهما في أعلى هذه الصفحة.

لقد كانت فوديا الأولى من بين العديد من الأشخاص الذين عولجوا وسيعالجون هنا في هذا المستشفى، وهو أمرٌ يشعرنا بالسرور.