تمرير

غزة: ما نعايشه ليل نهار هو الرعب بعينه

19 مايو 2021
قصة
الدول ذات الصلة
الأراضي الفلسطينية المحتلة
شارك
طباعة:

عايشت الحملات العسكرية الإسرائيلية التي حدثت منذ ذلك الحين، عام 2008 وعام 2014، لكن العملية العسكرية التي نتعرض لها اليوم أقسى بكثير وأشد رعباً من أي شيء واجهناه من قبل.

القصف مستمر ليل نهار بلا توقف. يستهدفون كل شيء: الطرقات والمنازل والبنايات السكنية وكل شيء. يبلغ طول قطاع غزة 40 كيلومتراً، لذا فأينما سقطت القنابل نسمع انفجارها دائماً.

شدة القصف ودرجة العنف غير مسبوقتين بالكامل، فالقذائف تأتي من كل مكان: من الطائرات في السماء، والدبابات على الأرض، والزوارق في البحر المتوسط. ما نعايشه ليل نهار هو الرعب بعينه.

تضررت البناية السكنية التي أعيش فيها في مدينة غزة مع زوجتي وأمي وأولادي بغارة جوية يوم الجمعة. تلقى حارس البناية اتصالاً من الإسرائيليين وأخبروه أن على جميع السكان إخلاء المكان لأنه سيُقصَف. نعرف عادة أن هذا الاتصال يأتي قبل سقوط القنابل ببضعة دقائق إلى ساعة. هرعنا عبر درج ثمانية طوابق وفي غضون أقل من دقيقة كان الجميع خارجاً. حاولت أن أوصل الجميع إلى مكان آمن وبعيد قدر الإمكان.

أذكر أني سمعت زوجتي تقول أنها لا تريد أن ترى دمار المكان الذي نشأت فيه، وفيه كل ذكرياتها. وبعد أن سمعنا صوت الانفجار ورأينا الغبار كانت النار تلتهم كل شيء. تضرر المبنى ودُمِّرت شقق عديدة ولا أدري ما الذي تبقى من شقتنا. كما لا أعرف ما إذا كنا سنتمكن من العودة للعيش هناك.

منذ ذلك الحين، وأسرتي تعيش مع أم زوجتي، أما أنا فأنام في المكتب، وأعمل معظم الوقت. وأشعر كما لو أني أعيش كابوساً في اليقظة.

الكثير من الأسر التي تعيش في شرق غزة فرَّت إلى الجانب الغربي إذ يخشون من غزو بري إسرائيلي، ويحاولون إيجاد مأوى قرب مستشفى الشفاء، أكبر مستشفى في غزة، وفي المدارس التي تديرها وكالة غوث وتشغيل اللاجئين (الأونروا).

صُدِمت حقاً بهجوم إسرائيلي وقع خلال ليلتي 15 و 16 مايو/أيار على بعد بضعة أمتار من مكتب أطباء بلا حدود. وقد أودى بحياة العشرات. كان صوت صراخ الرجال والنساء في منتصف الليل مرعباً. عيادتنا أيضاً تضررت في تلك الليلة خلال القصف الإسرائيلي.

لدى المصابين كسور وجروح بسبب شظايا القنابل والقذائف، وهناك الكثير من الاحتياجات الآن لا سيما على صعيد الجراحة والعناية المركزة. والجرحى نساء ورجال وأطفال: فلا أحد مستثنى.

تسببت عمليات الطرد المزمعة للأسر الفلسطينية من منازلهم في حي الشيخ جراح بالقدس الشرقية، ثم المواجهات داخل وحول المسجد الأقصى بإشعال الشرارة التي أدت إلى هذا الانفجار. عايشتُ فترة الانتفاضة الثانية في بداية العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، والعنف الذي يحدث اليوم لا علاقة له بما حدث حينها، فهناك استخدام مفرط للسلاح. اليوم مئات الصواريخ تُطلَق إلى إسرائيل، وغزة سُوِّيَت بالأرض.

إنه قدر الغزيين. في غضون بضع سنوات عشنا عدة حروب ولا نعرف متى ستتوقف، ومتى سنتمكن من عيش حياة طبيعية.

بين 10 و 18 مايو/أيار 2021، قتلت الغارات الجوية والقصف الإسرائيلي 213 شخصاً بينهم 61 طفلاً وجرحت أكثر من 1400 آخرين. بينما قُتل 12 شخصاً بينهم طفلان في إسرائيل بسبب الصواريخ المطلَقة من قبل الفصائل الفلسطينية المسلحة.