تمرير

اليونان: الأشخاص المستضعفون العالقون على الجزر اليونانية يدفعون ثمن السياسات اللاإنسانية الناتجة عن الاتفاق بين الاتحاد الأوروبي وتركيا

9 سبتمبر 2019
نشرة صحفية
الدول ذات الصلة
اليونان
شارك
طباعة:

تفيد منظّمة أطباء بلا حدود بأنّ ما يقارب 24,000 شخص من الرجال والنساء والأطفال الذين يلتمسون الحماية في أوروبا هم عالقون اليوم على الجزر اليونانية في أوضاع يُرثى لها بينما تتعمّد سلطات الاتحاد الأوروبي واليونان إهمال ملفهم. ونشأت الأزمة التي تطال رفاهية آلاف الأشخاص المستضعفين نتيجة اتباع نظام استقبال غير مدروس وافتقار آليات الحماية اللازمة ونقص الخدمات. وتقول أطباء بلا حدود في هذا الصدد إنّ استراتيجية الاحتواء والردع التي ينتهجها الاتحاد الأوروبي في إدارة الهجرة قد فشلت.

تعمل أطباء بلا حدود منذ أربع سنوات في عدّة جزر يونانية. وحتّى اليوم، تستجيب في الغالب منظّمات يديرها متطوعون لتقديم المساعدات الإنسانية والطبية، مؤدية بذلك المسؤوليات التي تنكفئ الدولة عن القيام بها. واضطرت أطباء بلا حدود اليوم من جديد إلى زيادة حجم عملياتها علمًا أنّها تقدّم مئات الاستشارات الطبية يوميًا في جزر "لسبوس" و"ساموس" و"خيوس"، وذلك بالتنسيق مع منظّمات المتطوّعين ومنظّمات غير حكومية أخرى. إضافةً إلى ذلك، تعمل أطباء بلا حدود على إنشاء المزيد من مرافق الصرف الصحي للمهاجرين وتوزّع مواد الإغاثة الأساسية بشكل مستمر.

وفي هذا الإطار، يقول رئيس بعثة أطباء بلا حدود في اليونان طوماسو سانتوس، "هذه الحالة الطارئة ليست بجديدة: تشكّل السياسات المعتمدة السبب الكامن وراء أزمة الاكتظاظ الكثيف في مناطق تجمّع المهاجرين الأساسية، وهذه الأزمة تلحق الأذى بآلاف الرجال والنساء والأطفال كلّ يوم منذ سنين عديدة. لقد شهدنا هذه الأزمة في الماضي ولا تزال تتكرّر حتى اليوم."

ويردف سانتوس قائلًا، "منذ أكثر من ثلاثة أعوام، يعيش طالبو اللجوء قيد ظروف مزرية على الجزر اليونانية، فهل نستنتج أنّ السلطات اليونانية والاتحاد الأوروبي يودان الاستناد إلى هذا الفشل الذريع في الاستقبال لتجنّب قدوم وفود جديدة من المهاجرين إلى الاتحاد الأوروبي؟ تشير الزيادة الأخيرة في عدد الوافدين إلى أنّ هذا الحل المؤقت غير مستدام ويستمر في إيذاء المهاجرين."

في هذا الإطار، ونظرًا إلى بلوغ أعداد الوافدين من البحر أرقامًا لم نشهدها منذ عام 2016، أفادت الفرق المعنيّة بصحة الأطفال النفسية العاملة في أطباء بلا حدود بأنّ عدد حالات الأطفال الذي أحيل إليهم في جزيرة "لسبوس" قد تضاعف في شهر يوليو/تموز مقارنة بالأشهر السابقة. وفي شهرَي يوليو/تموز وأغسطس/آب، تمت إحالة 73 طفلًا إلى فرقنا، منهم 3 أطفال حاولوا الانتحار و17 طفلًا ألحقوا الأذى بأنفسهم. و10 أطفال من أصل الـ73 كانوا في عمر السادسة، والأصغر من بينهم كان في عمر الثانية.

وفي هذا الصدد، قالت مديرة أنشطة الصحة النفسية العاملة في أطباء بلا حدود في جزيرة "لسبوس"، كاترين بروباك، "الكثير من هؤلاء الأطفال يكفّون عن اللعب وتراودهم الكوابيس ويخشون الخروج من خيمهم ويفقدون الرغبة في الحياة. ويكفّ بعضهم عن الكلام كليًا. ومع الاكتظاظ المتزايد والعنف وغياب الأمان في المخيم، تزداد حالة الأطفال سوءًا يومًا بعد يوم. لتجنّب وقوع أضرار دائمة، يجب إخراج هؤلاء الأطفال من مخيم "موريا" بشكل فوري."

تضمّ عيادة الأطفال في أطباء بلا حدود 100 طفل تقريبًا يعانون من حالات طبية معقدة وأمراض مزمنة، تشمل مشاكل القلب الخطيرة ومرض السكري والصرع فضلًا عن إصابات الحرب. وجميع هؤلاء الأطفال في انتظار فرصة الانتقال إلى البر الرئيسي لتلقّي العلاج الطبي اللازم.

وتشير أطباء بلا حدود إلى أنّ الوضع لا يُحتمل في مخيم "فاثي" في جزيرة "ساموس"، بحيث يعيش 5,000 شخص في مساحة لا تتسع سوى لـ 650 شخصًا، مع العلم أنّ الغالبية تعيش في منطقة خارج المخيم، تُعرف باسم "الغابة". وبسبب غياب تدابير الحماية والافتقار إلى الخدمات الأساسية، يتعرّض المهاجرون إلى خطر الإصابة بصدمات نفسية جديدة. وتجدر الإشارة إلى أنّ عدد البلاغات عن حالات التحرش والاعتداء الجنسي وغير ذلك من أشكال العنف في تزايد.

ونقلت الحكومة اليونانية مؤخرًا حوالي 1,500 شخص مستضعف إلى خارج جزيرة "لسبوس"، ولكن تجد أطباء بلا حدود أنّ قرار نقل المهاجرين إلى خيم على البرّ الرئيسي اليوناني ليس باستجابة آمنة أو فعّالة لأزمة الاكتظاظ المزمن ولا بعلاج لآثاره الضارة على رفاهية المهاجرين. إنّ 2,500 شخص على الأقل من المصنّفين في فئة المستضعفين لا يزالون في "لسبوس" على الرغم من أنّهم يملكون الحقّ في الانتقال إلى مكان يقدّم خدمات الرعاية المتخصصة. ومن المرجح أنّه هناك الآلاف غيرهم من الأشخاص الذين لم يتم الاعتراف بهم رسميًا كمستضعفين حتى اليوم.

وبناءً على ما تقدّم، تدعو أطباء بلا حدود الحكومة اليونانية والاتحاد الأوروبي ودوله الأعضاء للتصرف وفقًا لمسؤولياتهم ولوضع حدّ لهذه الأزمة المشينة، وذلك من خلال:

  • إجلاء الأطفال والأشخاص الأشد ضعفًا في الجزر بصورة فورية إلى مساكن آمنة وملائمة على البر الرئيسي اليوناني و/أو في الدول الأوروبية الأخرى؛
  • زيادة عدد الموظفين الطبيين في مراكز الاستقبال اليونانية بشكل عاجل حتى يتمكن المتضرّرون من تلقي الرعاية الطبية والنفسية الملائمة في أقرب وقت ممكن؛
  • تحديد آليات سريعة ومستدامة وتنفيذها لتجنب حالات الاكتظاظ المتكررة التي لا تزال تسبب المعاناة والألم لآلاف الأشخاص في الجزر؛
  • إنهاء سياسة الاحتواء الحالية بشكل فوري من أجل حماية كرامة الناس وتجنّب إصابتهم بمعاناة غير ضرورية وصون حقوقهم الأساسية.