تمرير

ليبيا: روايات الناجين من حادثة الغرق

16 سبتمبر 2018
قصّة مصوّرة
الدول ذات الصلة
Libya
شارك
طباعة:

لقي أكثر من مئة شخصٍ حتفهم نتيجة حادثة غرق قارب قبالة ساحل ليبيا منذ أسبوع، حسبما أبلغ الناجون طواقم منظمة أطبّاء بلا حدود العاملة في ليبيا. ونقل خفر السواحل الليبي يوم الأحد 2 سبتمبر/أيلول مجموعة مؤلّفة من 276 شخصًا من بينهم ناجون من حادثة الغرق، إلى مدينة الخُمس الساحلية (على بُعد 120 كلم شرق طرابلس) حيث تُقدّم منظمة أطبّاء بلا حدود المساعدة الطبيّة الطارئة إليهم منذ وصولهم.

اقرأوا التحديث الكامل على موقعنا الدولي

msf242883_medium.jpg

قالت الوالدة: "هربنا فقط لأنّنا لا نشعر بالأمان في ليبيا. فنحن نخاف من الإتجار بالبشر ويشعر الناس بالخوف هنا حيث لسنا أحرار. وُلد ابني في السجن."

قال الطفل البالغ 10 سنوات: "أنا هنا برفقة والدتي وأختي الصغيرة. عبرنا البحر حيث قضينا ساعات طويلة للوصول إلى أوروبا. لم نملك ماء الشرب ولذلك كنا نشرب الماء المالح. كنت أفكّر بأنّ خفر السواحل الإيطالي سينقذنا ولكنّنا في نهاية المطاف رأينا الليبيين قادمين وأعادونا أدراجنا. رأيت جثث الذين قضوا خلال العبور وكان عدد كبير من الناس يبكي."

msf242887_medium.jpg

msf242892_medium.jpg

"كان على متن القارب الكثير من كبار السن والنساء والأطفال. وعدد قليل فقط امتلك سترات نجاة في حين كان يجهل معظم الركّاب كيفية العوم. تخيّل أن تتواجد في عرض البحر وأنت لا تجيد السباحة، ولذلك غرقوا فورًا. أذكر كيف كانت الجثث عائمة. كانت معنا أيضًا عائلة ليبية فقدت ابنتها [في حادثة غرق القارب]."

msf242888_medium.jpg

"طلبنا المساعدة وقلتُ للسيدة الأخرى عبر الهاتف: "أرجوكم تعالوا وأنقذونا". ولم تكن تجيد العربيّة، بل الإنكليزيّة فقط. وكرّرت لها عبارة: "أرجوكِ هناك الكثير من الأطفال والنساء". ولكن الأوان كان قد سبق وفات بعد أن بدأ الناس بالغرق. مرّرت الهاتف إلى شخص آخر يجلس بجانبي. مات الكثير من الناس. لماذا لم ينقذونا؟ رأينا طائرة رمت لنا أطواف النجاة التي بدأنا نجلس بداخلها. كنت أصرخ طالبةً النجدة. حاول جميع ركّاب ذلك القارب أن ينقذوا أنفسهم. فقدت زوجي ولكن والحمد لله ما زلت على قيد الحياة. لم أكن أرتدي سترة نجاة ولكن سيدةً تواجدت بالقرب مني وكانت بساق واحدة وأذكر أنّها لم تجد السباحة ولا كيفية استخدام سترتها. ساعدتها على ارتدائها ونجحتُ بإنقاذ نفسي بفضلها بعد أن تمسّكت بسترتها. وصعدتُ أخيرًا إلى طوف نجاة صغير رمته الطائرة لنا وهكذا أنقذت نفسي."

msf242959_medium.jpg

msf242958_medium.jpg

"غادرنا ليبيا ليلًا على متن قارب مطاطي. أنقذنا خفر السواحل الليبي. اتّصلنا بالسلطات الإيطالية التي أرسلت الليبيين ليُعيدوننا أدراجنا. وبينما كنّا نُبحر، واجهنا مشكلة في قاربنا، وكان الطقس شديد الحرارة والهواء يفرغ من القارب. وفي مرحلة ما توقّف المحرّك عن العمل. وكان على متن القارب الكثير من الأطفال والنساء الحوامل والعائلات. عانينا للصمود. كنا في الماء بالقرب من الجثث.

يجب أن تعرف أوروبا ما الذي نختبره: لا يمكننا البقاء في ليبيا، فالأمر خطير جدًّا بالنسبة إلينا. لديّ إصابة نتيجة طلق ناري في ساقي اليسرى. ساعدني أصدقائي على جمع المبلغ اللازم للذهاب إلى أوروبا لمعالجة قدمي. أخبروني أنّ الأمر يتطلّب 10.000 دينار ليبي ولا أملك هذا المبلغ.

هذه هي قصّتي ولكن هناك الكثير من القصص المختلفة هناك. لسنا مجرمين ولسنا لصوص. نحن نعاني كي نبقى على قيد الحياة. أشعر بالحزن الشديد وأنا خائب الأمل. أشعر بالألم، فقدتُ الكثير من أصدقائي. أنا تائه ولا أعرف إلى أين سأذهب غدًا. نحن بحاجة إلى المساعدة وكنّا محتجزين كالسجناء. لا أعرف لماذا يستمرّون بإعادة الناس إلى ليبيا. نحن نهرب من هنا. أنا لا أطلب من الحكومة الإيطالية قبولنا جميعنا في بلدها، ولكن لا تُعيدوا إراسلنا إلى ليبيا.

msf242896_medium.jpg

"لماذا تتمّ إعادة الناس إلى هنا؟ أطرح هذا السؤال على أوروبا. لماذا لم يُنقذنا الإيطاليون؟ أن نُترك في عرض البحر طوال هذه المدّة هو فعل غير إنساني. انطلقنا ليلًا من مكان على مقربة من طرابلس حوالى الساعة الواحدة صباحًا وبدأ الناس حوالى الساعة الثانية عشرة ظهرًا بالسقوط في الماء.

وكانت طائرة [أوروبيّة] تحلّق فوقنا ورمت لنا بعض أطواف النجاة. كنتُ هناك، ورأيتُ الناس يموتون. طلبنا النجدة، وأجابت امرأة على مكالمتنا وسألتنا عن موقعنا. نجا أقلّ من 100 شخص. كان هناك الكثير من الأطفال على متن القارب، وتوفي معظمهم. ما كنتُ لأعبر البحر لو لم تكن الحرب مشتعلة في طرابلس. عشتُ في ليبيا 10 سنوات وعملتُ في تاجوراء. لا يمكن للمرء التحرّك بحرية هنا. أعرف هذا البلد، فسبق وعشت فيه 10 سنوات. حتّى إن لم ترغب أوروبا بإعطائنا حقّ اللجوء، لم يكن يفترض بها أن تتركنا نموت في عرض البحر."

msf242924_medium.jpg
"تمّ التخلّي عنّا في البحر وفقد الناس الأمل. لماذا تركوا الناس يموتون في البحر؟ لديهم كافة الإمكانيات لإنقاذنا. نحن جميعنا بشر. إن حاولنا الذهاب إلى أوروبا، فهذا لأنّنا نرغب بحياة أفضل. سيستمرّ الناس بالانطلاق برحلات عبر البحر. هناك أشخاص يفرّون من الحرب بينما يهرب آخرون من الفقر؛ يجب أن يتمّ إنقاذ الناس والنظر في ما بعد إلى كل حالة على حدة. لسنا في ليبيا لنبقى هنا، نحن نريد الذهاب إلى أوروبا. لسنا مجرمين."

msf242891_medium.jpg
"لم يعرف الرجل الجالس بقربي كيفية قراءة الإحداثيات ولذلك أمسكت بالهاتف وقرأتها عوضًا عنه. كنت سعيدًا جدًّا لأنّنا على مقربة من مالطا. هربنا من هذا المكان، فكيف لنا أن نعيش فيه؟ لسنا بأمان هنا. بقيتُ في ليبيا مدّة سنتين، وعشتُ في طرابلس خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة. هل رأيتم الوضع هنا؟ أنا متعب للغاية ولا أشعر بالأمان. لماذا يُبقوننا هنا؟ انظروا إلى حالتي، لم يعد جسمي كسابق عهده."

msf242909_medium.jpg

"كانت الشمس قويّة جدًّا وبدأ الهواء يفرغ من القارب. لقي جميع الأطفال حتفهم. كيف يمكن أن نصمد ساعات طويلة في الماء من دون أن يتمّ إنقاذنا؟ بدأ الناس بشرب الماء المالح. لماذا تركونا نموت في البحر؟"

تجدد منظمة أطباء بلا حدود دعوتها لوقف إعادة اللاجئين والمهاجرين الذين يفرون عبر البحر إلى ليبيا، وإلى وضع حد للاحتجاز التعسفي للآلاف منهم في ليبيا وتعزيز طريق إجلائهم إلى أماكن آمنة خارج البلد.

جميع الصور © سارة كريتا/ أطباء بلا حدود