الضفة الغربية: أعمال العنف التي يرتكبها المستوطنيون الإسرائيليون ضد الفلسطينيين بلغت مستويات غير مسبوقة، وما من رقيب

Hussam Odeh sits on a roadblock placed by Israeli soldiers in his neighborhood outside his home in Huwwara on 13 April 2023
تمرير
14 يونيو 2023
قصة
الدول ذات الصلة
الأراضي الفلسطينية المحتلة
شارك
طباعة:

بلغت الحوادث التي يتورط فيها المستوطنون الإسرائيليون أعلى مستوى لها على الإطلاق في ظل توسّع المستوطنات على كافة أراضي الضفة الغربية. لكن القوات الإسرائيلية لا تمنع أعمال العنف بل وتسمح بها أحياناً، لذا فقد بات الفلسطينيون أكثر عرضةً من أيّ وقت مضى للعنف والهمجية. إذ باتت المشاحنات والمواجهات منتشرةً في كلّ مكان في المناطق التي يكون حضور المستوطنين فيها كثيفاً، حيث لا توجد أسرة فلسطينية إلا وتعرف شخصاً، على الأقل، قد تعرض للمضايقات أو الهجوم أو الاعتقال في حادثةٍ مرتبطةٍ بمواجهة مع مستوطنين.

كانت جنى ابنة ياسر أبو مرخيّة بعمر السنتين والنصف حين تعرضت لضرب بالحجارة فأُصيبت في وجهها وساقيها. حدث ذلك حين كانت جالسةً في حضن والدها وهو يحتسي القهوة على شرفة منزلهم الواقع في مدينة الخليل في الضفة الغربية. وكان مستوطنون إسرائيليون يسكنون في البيوت القريبة قد باشروا بإلقاء الحجارة من الشارع على بيت الرجل الفلسطيني البالغ من العمر 51 عاماً.

 

Settlers violence in Hebron
ياسر أبو مرخية يكشف عمّا أصاب عين ابنته بعد هجوم المستوطنين عليها حين كانت رضيعة، في بيت الأسرة، 2 مايو/أيار 2023.

 

يقول ياسر: "كان مدخل بيتنا مطلاًّ على الشارع إلى أن شيّد الجنود الإسرائيليون جداراً ، لذا بالكاد لاحظت وجود المستوطنين هناك يوم الحادث"، مشيراً إلى الجدار أنشئ كي يفصل منزله عن الشارع الذي يمر به المستوطنون.

يساعد فريق الدعم النفسي التابع لمنظمة أطباء بلا حدود ياسر وجنى على التعامل مع ما مرّوا به والهجمات المتكررة التي يواجهونها في منزلهم نظراً لقربه من بيوت المستوطنين. كما أن جنى، البالغة من العمر سبع سنوات اليوم، أصيبت بالحوَل من جرّاء الحادث، وخضعت لعمليات جراحية عديدة، وستحتاج إلى عملية أخرى على الأقل في الأعوام المقبلة.

 

Yasser Abu Markhiyeh's daughter stands in her room in Hebron on 2 May 2023
جنى، ابنة ياسر مرخية واقفةً في غرفتها، الخليل، 2 مايو/أيار 2023.

يتميز حيّ تل رميدة الذي يعيش فيه ياسر مع أسرته بكثافة المستوطنين ويقع ضمن منطقة تابعة للخليل تُعرف باسم H2، وهي بقعة خاضعة للسلطات الإسرائيلية يقطنها حوالي 700 مستوطن يعيشون على مقربة من سكانه الفلسطينيين.

وكانت المنطقة في السابق مسكناً لعدد من اليهود قبل قيام دولة إسرائيل، إلا أن النشاط الاستيطاني في الخليل قد بات مكثفاً وتحديداً منذ الاحتلال الإسرائيلي للضفة الغربية سنة 1967.  ومع أن اتفاقية 1997 منحت السلطة الفلسطينية السيطرة على 80 بالمئة من المدينة غير أنها أبقت منطقة H2 التي تمثل 20 بالمئة من الخليل تحت الاحتلال الإسرائيلي بهدف توسيع وحماية التجمعات الاستيطانية القائمة.

ويعكس شارع الشهداء في المدينة القديمة القريبة أثر المستوطنات على الحياة في H2. إذ كانت المنطقة فيما مضى مركزاً تجارياً حيوياً تحوّل ببطء إلى مدينة أشباح في ظل إقامة الحواجز ونقاط العبور التي يجب على الفلسطينيين أن يدخلوا عن طريقها، الأمر الذي دفع بالمحال التجارية إلى إقفال أبوابها الواحد تلو الآخر. ومنها متجر المثلجات الذي كان أبو ياسر يديره، لكنه بات اليوم خاوياً إلا من معداته باهظة الثمن لم يستخدمها أحد منذ أن أقفلت القوات الإسرائيلية المحل ومنعته من العودة إليه.

المنطقة المعرفة ب H2 ليست إلا مثالاً على توجهٍ يؤثر في الضفة الغربية برمتّها: فقد زاد عدد المستوطنين في المنطقة من 183,000 في عام 1999 إلى 465,000 اليوم (ما عدا 220,000 آخرين في القدس الشرقية)، ورافق ذلك زيادة في عدد الجنود الإسرائيليين المكلفين بحمايتهم، إلى جانب زيادة عدد القيود التي يفرضها وجودهم على حياة الفلسطينيين اليومية.

هذا الحضور المزودج للمستوطنين والجيش يولّد بدوره حوادث غالباً ما تكون عنيفة ويكون الخاسر فيها الفلسطينيين، علماً أن تبعاتها تتراوح بين أضرار تلحق بالممتلكات وحتى الوفاة، من دون أن ننسى الضرر النفسي. وقد أدى توسع المستوطنات في الضفة الغربية إلى زيادة ثابتة فيما يعرف بعنف المستوطنين خلال السنوات الأخيرة، إذ زادت الإصابات من 195 إصابة في عام 2008 إلى رقم قياسي بلغ 304 إصابات في عام 2022، وذلك بحسب بيانات مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية. هذا وارتكب المستوطنون 1,094 هجوماً بحق الفلسطينيين في الفترة الممتدة من يناير/كانون الثاني إلى سبتمبر/أيلول 2022، أي بزيادة قدرها 170 في المئة عمّا كانت عليه الحال سنة 2017 حسبما أفادت منظمة "بريميير أورجانس إنترناسيونال" غير الحكومية.. ويبدو أن عدد الحوادث هذه السنة سيكسر ذلك الرقم القياسي. ففي أبريل/نيسان 2023 وحده، هاجم المستوطنون الرعاة بالحجارة قرب رام الله وقطعوا 50 شجرة زيتون قرب نابلس ولاحقوا صبياناً فلسطينيين كانوا برفقة قطيع ماشية يرعى في مرتفعات الخليل الجنوبية، وغيرها من الحوادث.

تقول مريم قبس، مشرفة التوعية الصحية التي تعمل أطباء بلا حدود في الخليل: "نرى عدداً هائلاً من حوادث هجوم المستوطنين على الناس في تلك المناطق أثناء عملنا لتوفير الخدمات الصحية الطبية والنفسية في المنطقة، ولا سيما قرب المستوطنات كما في H2".

وتشير مريم إلى ما يواجهه الفلسطينيون من نقاطٍ للتفتيش ومضايقات لفظية وجسدية وسجن وأضرار للمتلكات وقيود على الحركة، بالتالي فإن العنف الذي يمارَس بحق الفلسطينيين لا يقتصر على ما يرتكبه المستوطنون بل يتعداه أيضاً إلى ممارسات القوات الإسرائيلية، وتضيف مريم: "إن هذين العاملين يولّدان اضطرابات نفسية تؤدي إلى الكثير من حالات اضطراب ما بعد الصدمة والقلق العام والاكتئاب وخوف الأطفال من الذهاب إلى المدرسة ومشاكل أخرى كثيرة".

حتى أن المستوطنين استهدفوا ذات مرة مريم البالغة من العمر 56 عاماً، حيث ألقوا بالحجارة عليها وعلى فردٍ آخر من طاقم أطباء بلا حدود أثناء انتظارهما خارج منزل أحد المرضى في منطقة H2. وتتذكر مريم كيف أنها أحسّت بالعجز والإحباط. وتقول: "كيف لنا أن ندعم هؤلاء الناس ونحن لا نقدر على حماية أنفسنا من هذه الهجمات، حتى ونحن نرتدي قميص أطباء بلا حدود؟".

هذا وتعمل القوات الإسرائيلية على تمكين المستوطنين، حيث تقف في صفهم أثناء المواجهات بغض النظر عمّن حرّض عليها. وتتذكر مريم كيف أن مجموعةً من المستوطنين اقتلعت ذات مرة لوحة أرقام إحدى سيارات أطباء بلا حدود في الخليل، حيث تجادلت معهم وطلبت منهم إعادتها. لكنّ جندياً واقفاً بالقرب من المكان وجّه بندقيته إليها وإلى الفريق فاضطروا إلى المغادرة. وتقول: "المشكلة هنا أننا نرى المستوطنين والجنود في الآن ذاته، وفي الأماكن نفسها، كما أن الجنود يحمون المستوطنين".

يشار إلى أن تبليغ الشرطة عمّا حدث لابنة ياسر لم يفضِ إلى شيء. ولا يزال ياسر يقابل بشكل متكرر في المناطق القريبة من H2 الرجال الذين ألقوا بالحجارة على بيته. ويقول: "أعرفهم حتى لو أنهم كانوا أصغر عمراً آنذاك". يخدم بعضهم في الجيش في حين أن بعضهم الآخر يعمل في جهاز الإسعاف الإسرائيلي المعروف باسم نجمة داوود الحمراء. وقد واجهه ياسر أحدهم وهو اليوم مسعف بشأن ما حدث لابنته، لكن الأخير تجاهل الحادثة ووصفها بأنها طيش شباب.

واعتاد ياسر الذي كان يعمل سابقاً سائق سيارة أجرة على ركن سيارته خارج منزله، لكنه صار مضطراً إلى ركنها في الشارع بعد إقامة نقطة تفتيش قرب بيته. يتذكر ياسر الأيام الأولى لمجيء المستوطنين حين كان الشارع مفتوحاً، إلى أن ظهرت بضعة أكياسٍ من الرمل وحاجز مروري خشبي يحرسه جنود تحول اليوم إلى بوابةٍ معدنيّة كبيرة تمنع دخول السيارات إلى الحي في حين يجب على المشاة عبور باب دوار.

يتعين على جنى وأختها عبور نقطة التفتيش مروراً بالجنود الذي يحرسونها يومياً وهما في طريقهما إلى المدرسة، علماً أن العائلة معزولة فعلياً عن باقي أبناء الحي. كما يخشى الأصدقاء والأقارب زيارة الحيّ نظراً لوجود المستوطنين والجيش والعنف الذي قد يتعرضون له إذا ما وقعت بينهم مواجهات، الأمر الذي يفاقم عبء العزلة الاجتماعية التي يفرضها عنف المستوطنين والجيش.

 

غضبٌ وهيجان في شمال الضفة الغربية

تأسست مستوطنات غير شرعية وفقًا للقانون الدولي في أعلى التلال الواقعة في الأرياف القريبة من مدينة نابلس في شمال الضفة الغربية. وقد بلغت الحوادث التي تقع هناك هي الأخرى مستويات قياسية في عام 2022، في حين شهد 2023 واحدة من أكبر وأوسع عمليات التوغل والاقتحام التي يشنّها المستوطنون. فقد خرج في بلدة حوارة المجاورة المئات من المستوطنين الذين كان بعضهم يحمل سكانين وأسلحة نارية في نوبةٍ من الغضب والهيجان أعقبت إطلاق مسلح فلسطيني النار على مستوطنين وقتلهما في فبراير/شباط 2023. أدت تلك الغارة إلى أعمال عنف عشوائية أسفرت عن مقتل مدني وإصابة أكثر من مئة شخص وإلحاق أضرار كبيرة بالممتلكات الفلسطينية تراوحت بين تكسير النوافذ وحرق السيارات.

 ينتمي حسام عودة إلى الجيل الجديد ولا يتذكر زمناً لم يكن فيه للمستوطنين وجود في المنطقة. يعيش في مكان قريبٍ جداً من شارع حوارة الرئيسي الذي زادت حركته المرورية في الأشهر الأخيرة بعد أن استخدم الجيش الإسرائيلي كتلاً إسمنتية كبيرة لإحكام سيطرته على مداخل البلدة.

 

Hussam Odeh sits on a roadblock placed by Israeli soldiers in his neighborhood outside his home in Huwwara on 13 April 2023
حسام عودة جالساً على حاجز نصبه الجنود الإسرائيليون في حيه خارج منزله في بلدة الحوارة، 13 أبريل/نيسان 2023.

صحيحٌ أن حسام بعمر الخامسة عشرة إلا أنه مدرك تماماً لموازين القوى في الضفة الغربية. ويمكنه أن يرى من نافذة شقته الجنود المتمركزين على سطح المبنى المقابل الذي يستخدمونه نقطةً لمراقبة البلدة. يقول: "نعرفهم ويمكننا أن نميز بينهم"، موجهاً كلامه إلى طاقم أطباء بلا حدود الذين يزورون المبنى الذين يقيم فيه ليقدموا الدعم النفسي لخالته وأبناء خالته الصغار.

 

Hussam Odeh (L) and his cousins look from their window towards an Israeli soldier in Huwara on 13 April 2023.
حسام عودة وأبناء خالته ينظرون من النافذة باتجاه الجنود الإسرائيليين في حوّارة، 13 أبريل/نيسان 2023.

 

تقع مدرسة حوّارة الثانوية للبنين التي يذهب إليها حسام في موقع قريبٍ جداً من إحدى المستوطنات. وفي أكتوبر/تشرين الأول 2022 كان حسام وأصدقاؤه يلعبون كرة القدم في الباحة قبل الحصة الأولى، حين بدأ يسمع أصوات إطلاق نار وصريخ. يتذكر قائلاً: "قالوا لنا بأن المستوطنين كانوا يهاجمون المدرسة. كانت بحوزتهم أسلحة وقنابل مولوتوف". فرّق الجيش المستوطنين في نهاية المطاف وأرسل الجميع إلى بيوتهم، لكن نُقل اثنان من الطلاب إلى المستشفى بسبب جروح نتجت عن إلقاء الحجارة عليهم.

يلعب حسام في مركز المدافع الأيمن في فريق نابلس لكرة القدم وكان يستقل المواصلات العامة مسافة 10 كيلومترات ليتدرب. لكنه لم يعد يستطع لا هو ولا زملائه في الفريق ممن يعيشون في حوّارة حضور التدريبات منذ أشهر خوفاً من التعرض لحوادث أثناء عبور نقاط التفتيش في ظل تصاعد التوترات. ويقول: "سأعاود لعب كرة القدم من جديد إن شاء الله".

مصطفى مليكات رجلٌ بدويٌّ انتقل مؤخراً إلى قرية دوما القريبة من منطقة أريحا هرباً من مضايقات المستوطنين، ويستنكر هو الآخر تصاعد أعمال العنف التي يرتكبها المستوطنون. يقول الراعي البالغ من العمر 50 عاماً بأن الأوضاع رغم أنها لم تكن تُسِرّ على الإطلاق فيما مضى إلا أنها لم تكن بهذا السوء. يتذكر حين كان المستوطنون المقيمون في المناطق الريفية يوصلونه وغيره من البدو في سياراتهم وهم في طريقهم إلى البلدة. ثم شيّد المستوطنون منزلاً بالقرب من منزله. ويتابع قائلاً: "باتوا يضايقوننا طيلة الوقت... شيدوا منزلاً مجاوراً لمنزلنا وبدؤوا يضايقون أغنامنا ومنعونا من استغلال الأرض التي اعتدنا على اصطحاب أغنام إليها كي ترعى".

 

Mustafa Mlikat inspects a medicine bottle handed to him by his son in request to purchase a similar one for him, in Douma on 13 April 2023.
 مصطفى مليكات يتفحص زجاجة دواء سلمه إياها ابنه وطلب منه أن يشتري له منها، دوما، 13 أبريل/نيسان 2023.

 

بدأ بعض أبناء مجتمعه في المعرجات ببيع مواشيهم والمغادرة، ثم حذا حذوهم. واعتمد على معدات تثبيت خاصة موجودة على شاحنته لينقل قطيعه المكون من 50 رأس غنم وكل مقتنياته على عدة رحلات، وانتقل للعيش على قطعة أرض اختارها خصيصاً لأنها بعيدة عن المستوطنات. لكن قصة المعرجات ليست حالةً منعزلة. ففي 22 مايو/أيار 2023 قرر تجمعٌ من الرعاة الذين كانوا يعيشون قريباً من رام الله، في عين سامية، الانتقال بأكملهم، أي 178 شخصاً، هرباً من هدم البيوت الذي تمارسه القوات الإسرائيلية وضياع أراضي الرعي التي صارت المستوطنات تشغلها.

فالمجتمعات البدوية عرضةٌ أكثر من غيرها لعنف المستوطنين لأن وجود أهلها كونهم رعاة للماشية يقف في طريق بناء المستوطنات في المناطق الريفية التي يرغب بها المزارعون من المستوطنين. ويقول مصطفى: "يريدون أن يأخذ المستوطنون كلّ الأراضي التي يعيش عليها البدو الذين باتوا جميعاً مستهدفين".

 

Mustafa Mlikat stands with his children next to the rubble of his house which was demolished by Israeli forces, in Douma on 13 April 2023.
مصطفى مليكات واقفاً برفقة أطفاله إلى جانب أنقاض بيته الذي هدمته القوات الإسرائيلية، في دوما، 13 أبريل/نيسان 2023.

 

لكن حتى بعد أن بنى لنفسه بيتاً في دوما، قام الجنود الإسرائيليون بهدمه في فبراير/شباط 2023 بذريعة أنه لم يحصل على رخص البناء. لم يعد يدري ما يفعل بعد أن استحال منزله أنقاضاً واضطر للانتقال إلى خيمةٍ لن تكون صالحةً للحياة في أشهر الصيف. وفي هذا اليوم الماطر من شهر أبريل/نيسان، ترفرف جدران الخيمة بفعل الرياح فتصدر أصواتاً عالية، في حين تستخدم شيرين وميريلا، وهما موظفتان مع أطباء بلا حدود، مجموعة من الصور لمساعدة ابنة مصطفى واسمها جنان في التعبير عن مشاعرها وكيف تأثرت بهدم بيتهم.
وتقول ميريلا، وهي مديرة أنشطة الصحة النفسية التي تعمل مع أطباء بلا حدود في نابلس: "لا تتأثر صحة الفلسطينيين النفسية بهذه الأحداث المؤلمة بوضوح فحسب، بل تتأثر أيضاً بما يفرضه الاحتلال من حالة دائمة يكون فيها المرء يقظاً ومشغولاً وغير قادر على التخطيط لمستقبله".

 

MSF workers attend a mental health session with Mustafa’s daughter Jinan, whose house was demolished by Israeli forces, in Douma on 13 April 2023.
طاقم أطباء بلا حدود في جلسة صحية نفسية بحضور ابنة مصطفى واسمها جنان، والتي هدمت القوات الإسرائيلية بيتها، في دوما، 13 أبريل/نيسان 2023.

 

يقف يوسف وقد حاصرته المستعمرات التي لا تكف تتوسع، بسكانها الذين لا يمكن التنبؤ بتصرفاتهم، علماً أن هذا الرجل الفلسطيني الذي ينحدر من نابلس يفضّل أن يواجه الجنود على المستوطنين. ويشرح قائلاً: "نشعر بأن الجيش الإسرائيلي يتبع بعض القواعد أو على الأقل معظم أفراده. لكن المستوطنين لا يسيرون وفق هذه القواعد، وإن غضبوا فمن يدري ما قد يبدر عنهم".

رأى يوسف ابن الـ50 عاماً المستوطنات تتوسع وتصعب عليه عمله كونه سائقاً، حيث أن عدد الطرقات التي يسمح للفلسطينيين بعبورها يتقلص. ويأسف على هذا الواقع المفروض على الضفة الغربية منذ توقيع اتفاقيات أوسلو سنة 1993. ويتابع: "الاحتلال هو السبب الرئيسي لكل هذا ، فلولاه لما كان هناك عنف ولا قتل".

 

تعمل منظمة أطباء بلا حدود في الضفة الغربية منذ عام 1988. وتدير طواقم المنظمة العاملة في نابلس مشروعاً يركز على الصحة النفسية وينفذ أنشطة خارجية في قلقيلية وطوباس. كما تدير أطباء بلا حدود برنامجاً للصحة النفسية في مدينة الخليل وتقدم خدمات طبية في منطقة H2 وتعتمد على عيادات متنقلة لقديم خدمات الرعاية الصحية الأساسية في قرى مسافر يطا. ويقدم مشروعٌ افتتحته المنظمة مؤخراً في جنين تدريبات على خطط التعامل مع حالات الإصابات الجماعية والاستجابة للطوارئ وفرز المرضى.

* تم تغيير الاسم حفاظاً على الخصوصية.