تجلس نور، التي تبلغ من العمر عاماً ونصف، في حضن والدتها بينما يفحصها الطبيب حمزة. تشعر بالضعف والتعب إذ أنها تعاني من الإسهال منذ بضعة أيام.
تقول جمعة وهي تجلس في غرفة الطبيب مع نور وطفليها الآخرين: "ينفطر قلبي كلما مرض أحد أطفالي، وخاصة عندما تمرض نور، فهي أصغرهم. أشعر دائماً بالقلق كلما بحثت عن رعاية صحية مجانية ذات جودة في منطقتي".
نظراً لحالة جمعة المادية، وهي أم لتسعة أطفال، ليس أمامها خيار سوى القدوم إلى مركز مفرق المخا الصحي لعلاج أطفالها. تدعم منظمة أطباء بلا حدود هذا المركز الصحي منذ عام 2022، بهدف زيادة قدرة الرعاية الصحية الأولية في المناطق الريفية في مديرية موزع في اليمن.
وبالإضافة إلى التبرعات الطبية المنتظمة التي يقدمها الفريق، تدعم أطباء بلا حدود إدارة حالات الطوارئ الطبية في غرفة الطوارئ، بما في ذلك المساعدة على تثبيت استقرار حالات المصابين بحوادث السير وجرحى الحرب قبل إحالتهم إلى مرفق آخر في مدينة المخا أو إلى مكانٍ آخر للحصول على رعاية إضافية. كما يقدم المركز، بدعم من فرق أطباء بلا حدود، استشارات منتظمة للمرضى في قسم العيادات الخارجية، ورعاية ما قبل الولادة وما بعدها للنساء، وأنشطة التثقيف الصحي، والرعاية الصحية للأطفال بما في ذلك فحص التغذية وتوفير التطعيم للاستجابة لظهور الأمراض التي يمكن علاجها باللقاحات والتي قد يكون ظهورها ناجماً عن انخفاض كل من نسبة التطعيم واللقاحات المتوفرة، فضلاً عن تردد المجتمع تجاه اللقاحات.
تقع منطقة مفرق المخا في مديرية موزع غربي محافظة تعز وعلى بعد 30 كيلومتراً فقط من جبهات القتال. وعلى مر السنين، احتضنت هذه المنطقة العائلات التي فرت من الحرب في اليمن، وهي الآن موطن لـ 4500 نازح، ويعيشون في ظروف غير مستقرة. وعلى الرغم من ذلك، توقفت العديد من المنظمات الدولية والمحلية عن تقديم الدعم لهذه المنطقة التي تعتبر الآن واحدة من أكثر المناطق إهمالاً في المديرية، حيث تجد المجتمعات المضيفة والنازحة صعوبة بالغة في الوصول إلى الرعاية الصحية المجانية أو ذات التكلفة المحتملة.
ويقول الدكتور عبد الحكيم محمد فرحان، مساعد المرجع الطبي لمشروع أطباء بلا حدود: "تحتاج العديد من الحالات التي نستقبلها في المركز هذا إلى إحالة إلى مرفقٍ صحي أو مستشفى آخر للحصول على رعاية صحية إضافية بسبب غياب الرعاية الثانوية في المنطقة. أنشأت منظمة أطباء بلا حدود في هذا الصدد في عام 2024 نظام إحالة إسعافية استجابةً لهذه الحاجة المتزايدة، وهي خدمة تسمح بنقل المرضى مجاناً وتحويلهم إلى مستشفى آخر. كون موقع مفرق المخا في منطقة جبلية، يبعد أقرب مستشفى رئيسي حوالي 40 كيلومتراً عنها.
ويضيف الدكتور عبد الحكيم: "نُحيل معظم الحالات إما إلى مستشفى المخا العام حيث تدير فرقنا مرفقاً للولادة وجناحاً لطب الأطفال، أو إلى مرافق صحية أخرى في محافظة تعز. ويعاني الكثير منهم من سوء التغذية أو يحتاجون إلى رعاية الصحة الإنجابية".
في الفترة ما بين يناير/كانون الثاني ويوليو/تموز من هذا العام، تم علاج أكثر من 1,562 مريضاً في غرفة الطوارئ بالمركز الصحي. وخلال الفترة ذاتها، تم علاج أكثر من 9,473 مريضاً في قسم العيادات الخارجية، حيث تلقت 915 امرأة رعاية ما قبل الولادة وما بعد الولادة. كما عالج الفريق المرضى الذين يعانون من أمراض معدية منهم 488 مريض يعانون من حمى الضنك، وأكثر من 965 مريض يعانون من الملاريا، ونور واحدة منهم.
في الآونة الأخيرة، وبعد تزايد عدد حالات الإسهال المائي الحاد والكوليرا التي أصابت اليمن، خصصت أطباء بلا حدود خيمة لاستقبال ومراقبة الحالات في مفرق المخا بسعة سريرين. وبين أبريل/نيسان ويوليو/تموز 2024، عالج الفريق 1,089 مريضاً ظهرت عليهم الأعراض، وتم إحالة بعضهم إلى مركز علاج الكوليرا التابع لأطباء بلا حدود في مدينة المخا للحصول على رعاية طبية إضافية.
في هذه البلدة الصغيرة مفرق المخا، يعد هذا المركز الصحي منارة أمل للعديد من الأسر. تشعر جمعة، مثل العديد من الأمهات الأخريات، بالامتنان لوجود هذا المركز والقيمة المضافة التي يجلبها لمنطقة أُهملت إلى حد كبير بسبب تقليص التمويل الانساني وسنوات من النزاع المستمر في اليمن.