بقلم عائشة أكيلو ، قابلة أوغندية (مدة القراءة 4 دقائق)
أعمل مع أطباء بلا حدود في المستشفى الواقع داخل مخيم النازحين في نغالا بشمال شرق نيجيريا منذ مايو 2019.
عندما كنت طفلة، كنت في نفس وضعهم.. من الناس النازحين.
النزاع في أوغندا
بدأت قصتي مع أطباء بلا حدود عندما كنت في الثامنة من عمري. أنا من شمال أوغندا وفي ذلك الوقت (حوالي عام 1988) كان هناك نزاع في قريتي.
جاء المتمردون ليلاً ليسرقوا الناس ويختطفوهم، لذلك كنا نمضي الليل في الطريق خارج القرية ونبقى في البيت خلال النهار.
بعد مرور بعض الوقت اضطررنا لمغادرة قريتنا والانتقال إلى مخيم للنازحين. عشنا في كوخ صغير مصنوع من الطين والقش – مثل تلك الملاجئ الموجودة في نغالا – وكنا تسعة أولاد ووالدينا.
عندما كنت أعيش في المخيم لم أتخيل أني سأحقق يوماً ما أنا عليه الآن
أذكر أن أحد إخوتي أصيب بسوء تغذية شديد، وكان في وضع متردٍ. فأحضرته أسرتي إلى مركز التغذية العلاجية الذي كانت تديره أطباء بلا حدود في المخيم.
بفضل العلاج الذي تقدمه المنظمة تعافى وأصبح قادراً على اللعب مجدداً.
عندما كنا نرى مركبات أطباء بلا حدود تمر من المخيم كنا ننادي بصوت عالٍ "أعطونا بلامبي نت!" (وهو غذاء علاجي تستخدمه أطباء بلا حدود لعلاج الأطفال المصابين بسوء تغذية). إنه لأمر طريف أنني أعرف ما هو بلامبي نت منذ ذلك الحين.
العودة إلى المدرسة
كنت أذهب إلى مدرسة للنازحين تقع قرب المخيم حتى المرحلة الثانوية. عندما بلغت الخامسة عشرة من عمري، قررت أسرتي أني سأتزوج. وبعد إنجابي لطفلي الأول في سن السادسة عشرة، كنت محظوظة أني تمكنت من العودة إلى المدرسة.
بعد حين، حصلت على منحة في مدرسة للتمريض والقبالة.
في البداية لم أحب القبالة إذ أني كنت أخاف من رؤية الولادة أو المساعدة فيها. في المرة الأولى التي ساعدت فيها في حالة ولادة كمتدربة كنت خائفة جداً! لكن بعد عدة تجارب أصبحت لدي الثقة والحافز للممارسة.
عندها أصبحت على صلة مع أطباء بلا حدود من جديد..
تحقيق حلم
كان المستشفى الذي كنت أجري فيه تدريبي قريباً من قريتي ومن مخيم النازحين. كانت أطباء بلا حدود تدير مركز تغذية علاجية قرب مستشفانا وتنقل النساء الحوامل إلينا للولادة. كنت أستقبل هؤلاء المريضات وأعمل عن كثب مع أحد مترجمي أطباء بلا حدود، سولومون، الذي كان يرافق الأمهات مع ممرضة من أطباء بلا حدود وهي موظفة دولية.
في أحد الأيام جاءت ممرضة من أطباء بلا حدود وقالت "الناس دائماً يخبروني عن عائشة، ويقولون أنك تعتنين بالمرضى جيداً!"، وهو الأمر الذي فتح لي باباً للانضمام إلى أطباء بلا حدود.
بينما كنت لم أزل متدربة في المدرسة، بدأت أعمل "بأجر يومي" كمساعدة ممرضة. وبعد حصولي على شهادة القبالة، تم تعييني كممرضة لأربع سنوات حتى أغلق المشروع في 2007.
بعدها عملت مجدداً مع أطباء بلا حدود، هذه المرة كقابلة من عام 2010 حتى 2012 عندما قررت التقدم للعمل "كموظفة دولية". ومن حينها أعمل كقابلة حول العالم مع أطباء بلا حدود!
دورة كاملة
عندما كنت طفلة أعيش في مخيم النازحين كان حلمنا أن نلمس سيارة أطباء بلا حدود. كان الناس يعرفون أنها منظمة تساعد الناس وتنقذ حياتنا عندما كنا نمر بظروف بالغة الصعوبة.
أخي الذي عالجته أطباء بلا حدود عمره الآن 32 عاماً وعنده ابن
أمي فخورة جداً برؤيتي أعمل مع أطباء بلا حدود وأرتدي قميص المنظمة. أخي الذي عالجته أطباء بلا حدود عمره الآن 32 عاماً وعنده ابن.
عندما كنت أعيش في المخيم لم أتخيل أني سأحقق يوماً ما أنا عليه الآن.
بالعودة إلى نيجيريا، مسؤوليتي هنا هي العمل على تحسين مهارات وقدرات الطاقم المحلي وضمان إتمام الولادات بأمان. وحيث أني عملت كموظفة محلية في أوغندا أستطيع أن أفهم بشكل أفضل بماذا يفكرون وكيف يعملون.
يبقى الوضع في المخيم صعباً هنا، وهناك نقص في معرفة الناس بالخدمات الصحية المتوفرة، لكنني ممتنة لأني قادرة على العمل من أجل أناس بحاجة إلى الدعم، كما كان حالي قبل 30 عاماً.