تمرير

شمال دارفور: أحلام العودة إلى الديار ما تزال بعيدة المنال بالنسبة لأولئك الذين يعيشون في معسكر سورتوني للنازحين

17 مايو 2018
نشرة صحفية
الدول ذات الصلة
السودان
شارك
طباعة:

(17 مايو/أيار 2018) بعد عامين من اندلاع القتال في جبل مرة اضطر (160,000) شخص للبحث عن الحماية، إذ استقر أكثر من (23,000) شخص حول قرية سورتوني الصغيرة حيث شكل ذلك التجمع معسكرا للنازحين. وما يزال الكثيرون مترددين في العودة إلى ديارهم على الرغم من صعوبات الحياة التي تواجههم في معسكرات النزوح.

رئيس بعثة منظمة أطباء بلا حدود في السودان، المنذر أج جدو عاش وعمل في هذا الجزء من دارفور يشرح تحديات الحياة اليومية في هذا المخيم المكتظ بالنازحين.

ما تزال هناك حالة من التوتر الدائم داخل معسكر سورتوني للنازحين وحوله حتى لو كانت حدة العنف مختلفه عما كانت عليه في الماضي. توفر بعثة الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي إلى دارفور بعض الحماية في سورتوني، إلا أن الحياة هناك تبقى صعبة للغاية، فقد قرر الأهالي البقاء داخل المعسكر لأنهم علموا بأن الاشخاص المسلحين أنفسهم الذين قاموا بمهاجمتهم في منازلهم القديمة الواقعة في جبل مرة ما يزالون هناك.

الخطف والاعتداء والقتل والتهديد المستمر

العيش في سورتوني أمر لا يمكن تصوره بالنسبة لمعظم الأهالي، فالمعسكر مكان كئيب ومكتظ بالنازحين حيث يتزاحم فيه أكثر من 23,000 شخص، كما تم تخفيض الحصص الغذائية التي يقدمها برنامج الأغذية العالمي إلى سلعتين أساسيتين فقط بالإضافة إلى تقليص الكمية إلى حد كبير؛ إمدادات المياه محدودة؛ وفي حال وصول المزيد من الأشخاص، فسوف يتدهور الأمر بصورة أكبر وقد نواجه حالة طوارئ، كما سيتدهور الوضع الصحي للأهالي مرة أخرى.

العنف ليس ببعيد؛ فالجماعات القبلية المسلحة تعيش بالقرب من المخيم وكثيراً ما تتنازع مع النازحين على حقوق الرعي. نسمع عن نساء وأطفال يتعرضون للهجوم والضرب والاعتداء الجنسي وأحيانًا اختطافهم أثناء البحث عن العشب أو الخشب أو الماء خارج المخيم؛ فقد باتت مسألة القبض على الرجال وقتلهم أمراً مألوفاً؛ كما نقوم بمعالجة الجرحى في المستشفى الذي نديره.

تضطر العائلات جراء نقص المياه النظيفة للبحث عن مصادر بديلة، إذ لا تكفي كمية المياه وقدرها (7.5) لتر يتم تقديمها يومياً لكل شخص لأغراض الطهي والتنظيف ولحيواناتهم، فغالباً ما يخاطرون بالذهاب إلى البرك الراكدة التي تحتوي على مياه ملوثة مما يتسبب لهم بالأمراض مثل الإسهال الحاد أو اليرقان.

معظم الأهالي في المعسكر هم من النساء والأطفال، فقد مات الكثير من الرجال خلال سنوات القتال أو تراهم يكافحون في مكان آخر للحصول على دخل صغير لإعالة أسرهم. هناك حالات شديدة الصعوبة حيث، يكون فيها كلا الوالدين متوفى؛ وعليه يتحمل طفل صغير لا يزيد عمره عن أحد عشر أو اثني عشر عاماً مسؤولية إعالة أشقائه، وبهذا يصبح الضغط النفسي عليهم هائلاً.

تحسينات هشة على الرعاية الصحية التي تحتاج إلى تعزيز

على الرغم من صعوبة الحياة اليومية، فقد شهدتُ بعض التحسينات الطفيفة في الجانب الطبي. لقد كانت العصابات المسلحة حتى وقت قريب تستهدف المسافرين على الطريق إلى مستشفى كبكابية، وهو أقرب مستشفى يستقبل الإحالات وتوجد فيه غرفة عمليات؛ كما كانت أعمال السطو والاختطاف والقتل تحدث بانتظام.

أما الآن فأصبح من الممكن الوصول إلى المستشفى دون مضايقات وذلك بأقل من ساعتين، وهي رحلة لم تكن مضمونة في السابق إذ لم يكن لأي شخص أن يتصور مثل هذا الأمر قبل أربع سنوات عندما تم تعييني آخر مرة في دارفور.

عندما وصلت منظمة أطباء بلا حدود لأول مرة إلى سورتوني، رأينا كيف كان الأهالي يخشون الهجمات، لذلك تقوم العائلات ببناء المأوى الخاص بكل منها بالقرب من بعضها بعضاً بهدف الحماية. كنا نعلم بأن هذه البيئة المزدحمة تشكل من وجهة نظر الصحة العامة الحالة المثلى لانتشار الأمراض مثل الإسهال والحصبة، ومع مرور الوقت، عمل طاقمنا عن كثب مع كبار المعسكر وذلك بهدف بناء أنظمة صرف صحي أساسية وتعزيز صحة المجتمع والنظافة.

تقوم منظمة أطباء بلا حدود بالتعاون من وزارة الصحة السودانية ومن خلال المستشفى الذي تديره اطباء بلا حدود والذي يحتوي على 35 سريراً بتقديم العلاج بصورة متنظمة لمجموعة متنوعة من الحالات ومن بينها حالات التوليد والأمراض التنفسية العلوية والسفلية والإسهال. وفي الأيام الأولى من حالة الطوارئ عام 2016، قامت منظمة أطباء بلا حدود بتقديم العلاج للعديد من الجرحى الذين أصيبوا في هجمات عنف. ومع مرور الوقت انخفض هذا العدد، لكننا ما نزال متيقظين لتقديم العلاج للعديد من الضحايا في الوقت ذاته وذلك في حال وقوع أي هجوم على المخيم مرة أخرى.

العمل مع المجتمع

تتمثل إحدى قصص النجاح الذي حققناه في العمل مع القابلات التقليديات، فمن خلال الحوار مع أفراد المجتمع الموقَّرين ، تمكنا من تطوير ثقافة التعاون حيث تدرك القابلات أهمية جلب النساء إلى المستشفى الذي نديره في حال ظهور أية مضاعفات.

يرغب جميع الأهالي تقريباً في سورتوني في العودة إلى ديارهم في جبل مرة، إلا أن القتال الدائر في تلك المنطقة يعني أن هذا الحلم ما يزال صعب المنال اليوم كما كان قبل عامين، وإلى أن يتمكنوا من العودة إلى ديارهم، يتعين على الحكومة والعاملين في المجال الإنساني ووكالات الإغاثة الدولية ضمان حصول النازحين على الحقوق الإنسانية الأساسية التي يستحقها كل شخص منهم.

تعمل منظمة أطباء بلا حدود في السودان منذ عام 1979، حيث تدير المنظمة حالياً ثلاثة مستشفيات شمال دارفور وواحد غرب دارفور. كما نقدم الدعم لاثنين من المستشفيات في ولاية النيل الأبيض لدعم السكان السودانيين المحليين واللاجئين من جنوب السودان. وتقوم منظمة أطباء بلا حدود في ولاية القضارف بتنفيذ مشروع علاج وأبحاث مرض الكالازار.