شمال غرب سوريا: النازحون والنازحات يخشون شتاءً قاسيًا آخر

Syria winter
2 ديسمبر 2021
نشرة صحفية
الدول ذات الصلة
الجمهورية العربية السورية
شارك
طباعة:

هرب أحمد محمود مرعي قبل عامين من القصف في شمال غرب سوريا مع أسرته بحثًا عن الأمان لأطفاله الخمسة، ليجد نفسه عالقًا في خيمة تفتقر إلى أبسط سبل العيش الكريم، من دون أي حل طويل الأمد يلوح في الأفق. يقول أحمد، "أعيش هنا، في هذه الخيمة، مع عائلتي منذ عامين. آكل، وأنام، وأستحم، وأطبخ، وأفعل كل شيء هنا"، وهو يخشى شتاءً قاسيًا آخر في هذا المخيم للنازحين. ويردف، "مررنا بالجحيم خلال الصيف (بسبب الحر)، لكن الشتاء لن يكون أفضل ".


يقترب فصل شتاء آخر إلى شمال غرب سوريا، حيث لا يزال يقطن أكثر من مليوني نازح معظمهم من النساء والأطفال. في المخيمات، تمسي الظروف المعيشية القاسية ومحدودية الوصول إلى المأوى وخدمات الصرف الصحي والطعام والمياه والرعاية الصحية أكثر صعوبة خلال فصل الشتاء. يساهم تسرّب المياه إلى الخيام والشوارع المليئة بالطين ودرجات الحرارة المنخفضة في زيادة تدهور صحة الناس البدنية والنفسية وظروفهم المعيشية بشكل عام.


ويوضح المدير اللوجستي في منظمة أطباء بلا حدود، أسامة جوخدار، "تتعرّض المخيمات الواقعة في المناطق الجبليّة بشكل خاص للرياح العاتية والأمطار الغزيرة خلال فصل الشتاء. وفي كل عام، تحتاج الخيام إلى مواد عازلة لحمايتها من مياه الأمطار ومنع التسرّب. ويضيف أنّ المخيمات الواقعة في المناطق المنخفضة أقل تعرضًا للرياح ولكنها غالبًا ما تتضرر بشدة بسبب الفيضانات ".


من أجل التخفيف من آثار الشتاء البارد على النازحين، تعمل فرق منظمة أطباء بلا حدود حاليًا على تنفيذ أنشطة خاصة بفصل الشتاء التي تشمل توزيع مجموعات من الملابس الدافئة والبطانيات على حوالي 3،000 أسرة في 18 مخيمًا. علاوة على ذلك، استفادت حوالي 3،900 أسرة من تركيب أرضيات الخيام وعزل الأسقف والعزل الحراري للحماية من الفيضانات ودرجات الحرارة الباردة الشديدة. ستواصل منظمة أطباء بلا حدود إجراء أنشطة مماثلة طوال فصل الشتاء، بما في ذلك تصريف المياه السطحية في المخيمات.


وعادة ما تبدأ أنشطة فصل الشتاء بعد فوات الأوان في شمال غرب سوريا، عندما يحل الشتاء بالفعل، ويرجع ذلك أساسًا إلى نقص التمويل لمثل هذه الأنشطة. ويوضح رئيس بعثة منظمة أطباء بلا حدود في سوريا، ياسر كمال الدين، "لقد عملنا بجد هذا العام لاستكمال أنشطة الشتاء مباشرة قبل بدء موسم البرد القاسي، ليستعد سكان المخيمات قدر الإمكان. إنها من أكثر الأنشطة التي يقدّرها سكان المخيمات لما لها من تأثير فوري على حياتهم اليومية. يعّد الوقت عاملًا رئيسيًا في هذا التدخل، إذا تم إجراؤه في منتصف الشتاء، فيكون قد فات الأوان بالفعل ".


في كل عام، تشهد منظمة أطباء بلا حدود التأثير المباشر لفصل الشتاء على صحة الناس من خلال ما تشهده في أنشطتها في المخيمات. يواجه الذين يعيشون في المخيمات خطر الإصابة بأمراض الجهاز التنفسي والأمراض المنقولة بالمياه والتثليج، بالإضافة إلى المضاعفات المتعلّقة باستنشاق الدخان والحروق بسبب طرق التدفئة غير الملائمة والوقود الذي يتم تخزينه في الخيام. على سبيل المثال، لاحظت منظمة أطباء بلا حدود زيادة في أمراض الجهاز التنفسي بنسبة 30 في المئة بين خريف 2019 وشتاء 2019-2020 في مخيمات دير حسّان، حتى قبل وصول كوفيد-19 إلى شمال غرب سوريا. علاوة على ذلك، تعدّ أمراض الجهاز التنفسي بين أكثر ثلاثة أمراض تم الإبلاغ عنها في مرافقنا في الشمال الغربي، وخاصة خلال فصل الشتاء.


لذلك، نشرت منظمة أطباء بلا حدود فرقًا للتوعية الصحية لنشر رسائل التوعية حول أمراض الشتاء الشائعة، وتقييم الاحتياجات الصحية للأفراد، وإبلاغهم بخدمات العيادة المتنقلة التي تقدمها منظمة أطباء بلا حدود. وتقول مسؤولة التوعية الصحية في منظمة أطباء بلا حدود شذى فلفة، "يشكّل اليوم مجرد عينة من الواقع اليومي للنازحين، كان الجو باردًا"، وذلك بعد إجرائها لجلسة لتعزيز الصحة أثناء توزيع أدوات الشتاء في أحد المخيمات. وتردف، "شعر الجميع بالبرد علمًا أننا ما زلنا في شهر نوفمبر/ تشرين الثاني. جاء الناس لأخذ الثياب والبطنيات وغادروا على الفور. في هذا المخيّم، كنّا قد رأينا أطفالًا يرتدون ملابس خفيفة، وشفاههم وأيديهم زرقاء. لم يكونوا حتى يرتدون أحذية ".


يعيش أطفال أحمد تجارب مماثلة. ويقول أحمد، "يؤثر الطقس البارد على صحة طفلي. ابني يعاني باستمرار من آلام في المعدة ونزلات البرد. وصلت درجة حرارة طفلي الآخر إلى 40 درجة. فانتشرت البثور في فمه ويديه وساقيه بسبب الحمى. لكننا لم نكن قادرين على تحمّل كلفة نقله إلى الطبيب".


وفي الوقت الذي تتزايد فيه الاحتياجات الإنسانية بسبب النزاع الذي طال أمده في سوريا، فإن الأموال المخصصة لتلبية هذه الاحتياجات تتناقص بشكل كبير. تقدّر الأمم المتحدة أنّ مبلغ 210 مليون دولار أمريكي لازم لتلبية الاحتياجات الأساسية في شمال غرب سوريا خلال فصل الشتاء لأكثر من ثلاثة ملايين شخص، بما في ذلك السكان والنازحين. ومع ذلك، فإن 23 في المئة فقط من هذا المبلغ متاح حاليًا.


ويضيف جوخدار، "مع بقاء المخيمات في شمال غرب سوريا، لن تتبدد الاحتياجات على مر السنوات. إنّ منظمة أطباء بلا حدود غير قادرة على الاستجابة بشكل كاف لجميع الاحتياجات المتزايدة في المخيمات، وخاصة خلال فصل الشتاء. تبرز حاجة لتسريع تخصيص الأموال وتنفيذ أنشطة الشتاء في أقرب وقت ممكن، لحماية صحة السكان الذين يعيشون في المخيمات في شمال غرب سوريا ".

على مدار العقد الأخير من النزاعات، تستمر أطباء بلا حدود في التكّيف مع تغيّر السياق في سوريا وما حولها من بلدان في سبيل الاستجابة للاحتياجات الطبية والإنسانية في البلد. وتختلف أشكال هذه الخدمات لتشمل معالجة الإصابات البالغة وتضميد الجروح وتقديم خدمات صحة الأمومة والطفل وإطلاق حملات تطعيم في سبيل تجنب تفشي أمراضٍ فتاكة.
وتدعم أطباء بلا حدود في الوقت الحالي 8 مستشفيات في شمال غرب سوريا، بما في ذلك وحدة لمعالجة الحروق، بالإضافة إلى 12 مركزًا لتقديم الرعاية الطبية الأساسية و5 سيارات إسعاف للإحالة. علاوة على ذلك، تقدم أطباء بلا حدود الدّعم من خلال 14 عيادة متنقّلة في أكثر من 80 مخيمًا للنازحين. وتدير المنظمة أيضًا خدمات المياه والصرف الصحي والنظافة في حوالي 90 مخيمًا للنازحين في الشمال الغربي السوري.
في الآونة الأخيرة، تم تفعيل سبعة مراكز عزل وعلاج لكوفيد-19 بالإضافة إلى مركز علاج لأمراض الجهاز التنفسي في شمال غرب سوريا خلال الأشهر الثلاثة الماضية. وفي مخيمات النازحين، تدير منظمة أطباء بلا حدود عيادات متنقلة لإجراء اختبارات كوفيد-19 وتوزيع أدوات الوقاية على النازحين. ولمواجهة تردد الناس لأخذ اللقاح، تدير منظمة أطباء بلا حدود مبادرات تعزيز الصحة لنشر الوعي مباشرة داخل المجتمعات المحلية وكذلك من خلال القنوات الرقمية.
في شمال شرق سوريا، تقدم منظمة أطباء بلا حدود الدعم في مجال التطعيم في 12 موقعًا. تدير عيادة رعاية صحية أولية، وبرنامجًا للأمراض المزمنة، وعناية متنقلة للجروح، ومحطة لتوفير مياه شرب آمنة في مخيم الهول. وتدير منظمة أطباء بلا حدود أيضًا عيادتين للأمراض المزمنة وتقدم خدمات الرعاية الصحية الأولية، بما في ذلك رعاية مرضى السل داخل مركز احتجاز. علاوة على ذلك، تدعم منظمة أطباء بلا حدود مستشفى، فضلاً عن قسم عيادات خارجية يتضمن قسمًا للطوارئ، بالإضافة إلى برنامج للتغذية. طوال فترة انتشار جائحة كوفيد -19، دعمت منظمة أطباء بلا حدود المستشفيات والمراكز الصحية في مدينتين رئيسيتين خلال فترة ذروة الانتشار.