تمرير

العمل لمكافحة انتشار التهاب الكبد الوبائي C في حي ماشار كولوني في كراتشي

25 سبتمبر 2019
قصة
الدول ذات الصلة
باكستان
شارك
طباعة:

تنعطف خارجاً من طريق ماريبور المزدحم وتعبر سكة القطار. جواميس الماء ترعى على الجانب الأيمن، وعربات التك توك والشاحنات المزركشة بألوانِ براقة قد رُكِنَت عشوائياً على الحافة في الجانب الأيسر، وتدخل أحد المعابر الرئيسية في مستوطنة ماشار في كراشي. يمتد هذا الحي العشوائي على مساحة تقارب 300 كيلومتر مربع ويسكنه حوالي 150 ألف نسمة.

العديد من سكان هذ الحي لا يملكون أوراقاً رسمية ولا يتم جمع القمامة هنا بصورةٍ منتظمة وليس هناك نظام صرفٍ صحي ما عدا قنوات التصريف التي تسدها المخلفات، كما يندر وجود مياه صالحة للشرب.

في نهاية أحد الأزقّة مقابل دكانٍ صغير تقع عيادة أطباء بلا حدود التي تقدم خدمات التشخيص والمعالجة للمصابين بالتهاب الكبد الوبائي C. العامل المسبب لهذا المرض هو فيروس التهاب الكبد C والذي يُعَد أحد الأسباب الرئيسية المؤدية لسرطان الكبد. ووفقاً لمنظمة الصحة العالمية فإن في باكستان ثاني أكبر نسبة من المصابين بالفيروس في العالم والذي يمكن أن يؤدي إلى الإصابة بالتهاب الكبد من الفئة C بنوعيه الحاد والمزمن. ينتقل هذا الفيروس عبر الدم، وبالتالي يمكن أن ينتشر من خلال ممارسات مثل إعادة استخدام الإبر وشفرات الحلاقة والممارسات غير الصحية واشتراك ساكني المنزل ببعض الأغراض كمشط الشعر أو فرشاة الأسنان.

رمي شبكة المعلومات

msf285160high.jpg

بموقعها في مقابل البحر وبجوار أحد موانئ كراتشي، فإن معظم سكان ماشار يعملون بأعمالٍ تتعلق بالصيد. البعض يعمل بإصلاح أو صنع القوارب الخشبية لصيادي السمك الذين يمضون شهوراً في البحر يصطادون خلالها سمك التونا أو الماكريل ويعودون بها ليبيعوها. وآخرون يعملون في مصانع السمك الموجودة في الحي وحوله حيث يحضّرون السمك والقريدس لبيعها للمصدِّرين. شباك الصيد الزرقاء منشورة لتجف تحت أشعة الشمس، وأسماك متدلية تتأرجح في الهواء ورجال بأحذية مطاطية بيضاء اللون ينظفون بخراطيم المياه الفناء الذي يقام فيه مزاد السمك. وفي سعيها لمواجهة التهاب الكبد الوبائي C في هذه المنطقة، تقوم الفرق العاملة في أطباء بلا حدود بالذهاب إلى حيث يتواجد الناس.

يقوم فريق توعية محلي بعقد جلساتٍ تثقيفية ينشرون من خلالها الوعي حول الفيروس، وأعراض الإصابة به والطرق التي يمكن أن ينتشر بها وينظمون فحوصاتٍ لتحري وجود الفيروس C لدى السكان. يقوم الفريق أيضاً بزيارة المدارس ومصانع السمك ويعقدون جلساتٍ خاصة ببعض الفئات كالحلاقين أو العاملين في صالونات التجميل. ويشرح تساور علي، أحد مشرفي نشر الوعي الصحي لدى أطباء بلا حدود الأمر قائلاً: "القوة الأشد تأثيراً في هذا المجتمع هي مدى اهتمامه وتحمسه للمساهمة. من خلال هذه الحماسة والمشاركة نجحنا في فحص معظم الأفراد في الفئات الأكثر عرضةً للمرض من بين سكان ماشار".

معالجة الفيروس

أكثر من 95 بالمئة من الأشخاص الذين بدؤوا بأخذ علاجٍ مضاد للفيروس عن طريق الفم يمكن أن يشفوا من التهاب الكبد الوبائي C ولكن في الوقت الحالي ما تزال إمكانية الحصول على التشخيص والعلاج محدودةً في باكستان. تستقبل عيادة أطباء بلا حدود 30 إلى 35 مريضاً في اليوم، البعض منهم يأتي لأول مرة للخضوع للفحص وآخرون يأتون للمراجعة الشهرية.

يتناول المريض علاجاً مزدوجاً من السوفوسبوفير والداكلاتاسفير يومياً على مدى ثلاثة أشهر ثم ينتظر ثلاثة أشهرٍ أخرى قبل القيام بفحص للدم للتأكد من أنه قد شفي فعلاً من المرض. معظم المرضى يمكن معالجتهم في العيادة فيما عدا المصابين منهم بتليف الكبد أو بمضاعفاتٍ أخرى فيتم تحويلهم إلى مستشفى قريب ليتم فحصهم من قبل طبيب مختص بأمراض الجهاز الهضمي. وقد شُفي منذ بداية المشروع في 2015 ما مجموعه 2159 مريض من مرض التهاب الكبد الوبائي C.

يقول جمعة غول، أحد المرضى السابقين وهو من سكان ماشار كولوني: "حين علمت لأول مرة بأنني مصابٌ بالتهاب الكبد الوبائي C كنت أعلم أنه مرضٌ خطير. لم أستطع السيطرة على تنفسي وانتابني الفزع حين سمعت بالخبر... لم أكن أعلم ما الذي سيحل بي. ثم أتيت إلى هنا، وها أنا الآن بعد سنتين من ذلك اليوم وقد شفيت بصورةٍ كاملة".

تخطط منظمة أطباء بلا حدود للقيام على مدى الأشهر القادمة بزيادة عدد المرضى الذين يستقبلهم فريق العمل في العيادة بهدف منح المزيد من الأشخاص فرصة الحصول على تشخيص وعلاجٍ للمرض. ولكن ما تزال هناك حاجة للمزيد من العمل لنشر الوعي حول إمكانيات عودة الإصابة وبعض أنماط المقاومة الممكنة، إذ أنَّ شفاء الشخص من التهاب الكبد الوبائي C لا يعني أنه لا يمكن أن يصاب به ثانيةً. ولهذا فإنه من الأهمية بمكان أن يبدأ المصاب بالفيروس وأفراد الأسرة المقيمون معه بتلقي العلاج في ذات الوقت وأن يفهم الناس الطرق المختلفة التي يمكن أن ينتقل بها الفيروس.

صحيحٌ أن ماشار كولوني هي مجرد منطقة صغيرة من كراتشي، التي هي مدينة واحدة من باكستان ولكن الأمل هو أن تكون هذه الطريقة في معالجة التهاب الكبد الوبائي C، أي في عيادة قريبة من التجمعات السكنية ودون الحاجة إلى مستشفيات واختصاصيين في أغلب الحالات، قابلة لإعادة التطبيق في أماكن عديدة أخرى.