جنوب السودان: أمل قائم في مواجهة الشدائد

South Sudan: Unshattered hope in the face of adversities
تمرير
14 نوفمبر 2023
قصة
الدول ذات الصلة
جنوب السودان
شارك
طباعة:

 

  • تحتفي منظمة أطباء بلا حدود بمرور 40 عاماً على خدماتها في المنطقة التي تشكل الآن جنوب السودان. فعلى مدى العقود الأربعة الماضية، كانت أطباء بلا حدود في الخطوط الأمامية للمساعدات الإنسانية، حيث قدمت المساعدة الطبية المنقذة للحياة للمتضررين من النزاع والمرض والنزوح في الدولة الأحدث نشوءاً في العالم.
  • تعاونت أطباء بلا حدود مع السلطات والمجتمعات المحلية لتعزيز تأثير عملنا والتعامل بشكل أفضل مع التحديات المعقدة التي يواجهها الناس. كانت سنواتنا الأربعون في جنوب السودان شهادة على صمود شعب جنوب السودان والالتزام الثابت لفرقنا.
  • لا تزال البلاد تواجه احتياجات هائلة وأزمات مستمرة مثل النزاع والنزوح وتحديات جديدة مثل تغير المناخ. ولا تزال منظمة أطباء بلا حدود ملتزمة بالاستجابة لحالات الطوارئ وتعالج الفجوات الصحية؛ ومع ذلك، هناك حاجة إلى دعم مستمر من المجموعات الإنسانية الأخرى.

 

دفع النزاع والأعمال القتالية في أوغندا المجاورة بين الأطراف المتحاربة منظمة أطباء بلا حدود إلى إطلاق مشروعها الأول في ياي، في المنطقة الاستوائية الوسطى. وفي عام 1983، قدم فريق متخصص من أطباء بلا حدود يضم موظفين طبيين وموظفي دعم من جنوبي السودان حينها ومن بلدان أخرى الرعاية الطبية الطارئة للمجتمعات المضيفة واللاجئين الذين كانوا يفرون من الاضطرابات المدنية في أوغندا. وأصبحت ذات المنطقة التي تعاني من نزاع ملجأ ومأوىً للآلاف.

 

ومع ارتفاع احتياجات اللاجئين والمجتمعات المضيفة، تطورت أنشطة أطباء بلا حدود على مر السنين للاستجابة للنزوح والمجاعة وتفشي الأمراض وجميعها ناجمة عن النزاعات، وتوفير العلاج الطبي وتنفيذ حملات التطعيم وتوفير المياه النظيفة وأنشطة الصرف الصحي وتوزيع المواد غير الغذائية. واليوم لأنشطة أطباء بلا حدود بصمة واضحة في حياة الآلاف، إذ أن للمنظمة حضور عملياتي مهم، حيث تغطي 13 مشروعاً في جميع أنحاء البلاد.

 

الاستقلال والحرب الأهلية

بعد حرب أهلية مروعة وطويلة، حصل جنوبي السودان، في عام 2011، على الحكم الذاتي، وساد هدوء نسبي. لكن ذلك لم يدم طويلاً؛ فقد اندلع نزاع بين الحكومة وقوات المعارضة في ديسمبر/كانون الأول 2013، مما أدى إلى حرب أهلية تسببت في مقتل عشرات الآلاف من الأشخاص، وأجبرت واحداً من كل ثلاثة أشخاص على الفرار من منازلهم.

ويقول أندرو داك، منسق دعم المستشفيات، الذي عمل مع أطباء بلا حدود منذ عام 2004: "عندما حصلت البلاد على استقلالها في عام 2011، كان هناك الكثير من الأمل. اعتقد الناس أنه لن يكون هناك المزيد من الحرب وأنهم سيشهدون الكثير من الاستثمار في البنية التحتية الصحية في البلاد. ولكن بعد عامين، كانت البلاد تشهد قتالاً بالفعل. كل شيء عاد إلى الصفر".

ومنذ ذلك الحين، بالإضافة إلى النزاعات المتكررة، استمرت البلاد في المعاناة من حالات الطوارئ المتتابعة، بما في ذلك انعدام الأمن الغذائي وتفشي الأمراض والفيضانات الشديدة.

 

التصدي لعواقب التغيّر المناخي

في الآونة الأخيرة، وبعد أربع سنوات متتالية من الفيضانات كان حوالي ثلثا جنوب السودان تحت الماء في العام الماضي، حيث شهدت معظم الولايات فيضانات كارثية.

ويقول محمد إبراهيم، رئيس بعثة أطباء بلا حدود في جنوب السودان: "على مر السنين، زادت شدة الفيضانات من حيث الحجم ومستويات المياه وتأثيرها على السكان. كان أكثر من ثلثي البلاد تحت الماء خلال موسم الأمطار الأخير. وقد شهدنا فيضانات لم تقتلع الناس من ديارهم فحسب، بل دمرت أيضاً الأراضي الزراعية، وقتلت الماشية وألحقت أضراراً بالمنازل والمدارس والمرافق الصحية. بالنسبة لبلد تأثر بالفعل بسنوات من العنف، ولديه نظام صحي هش، ولديه مستويات عالية من سوء التغذية، فإن الفيضانات تؤدي إلى تفاقم الوضع الإنساني المتردي بالفعل بشكل خطير".

 

التغلب على العوائق التي تحول دون توفر الرعاية الصحية

في جميع أنحاء جنوب السودان، يواجه المرضى عقبات كبيرة عند محاولة الوصول إلى الرعاية الصحية. إحداها الفيضانات، إلى جانب النقص العام في المرافق وانعدام الأمن.  

وتقول هارييت ويكورو، مديرة أنشطة القابلات في أطباء بلا حدود في فنجاك القديمة: "تعيش العديد من الأمهات والنساء الحوامل في مناطق نائية للغاية ولا يمكنهن الوصول إلى المرافق الطبية. يمكن لمعظمهن الذهاب فقط إلى القابلات التقليديات في قريتهن. وإن عدم الوصول إلى المرافق الصحية يعرض النساء للخطر أثناء الحمل والولادة على حد سواء".

وللتغلب على هذه العوائق، دعمت فرق أطباء بلا حدود المجتمعات الأكثر عرضة للخطر من خلال تسيير العيادات وأنشطة التوعية والوقاية وتدريب العاملين في مجال الرعاية الصحية المجتمعية في المناطق النائية.

 

بناء قدرات الرعاية الصحية

بعد عقود من النزاع وعدم كفاية الاستثمار، لا يزال النقص الحاد في البنية التحتية الصحية والمهنيين الطبيين المؤهلين يشكل تحديات كبيرة لتطوير نظام رعاية صحية جيد في جنوب السودان.

ويقول جون بوك، الطبيب في منظمة أطباء بلا حدود: "منذ أكثر من 15 عاماً، تقدم أطباء بلا حدود الرعاية للمرضى هنا في بنتيو، ومع ذلك لن تبقى المنظمة هنا إلى الأبد، ويجب أن تكون هنا فقط لتقديم الرعاية الطارئة. وإذا كانت حكومة جنوب السودان ستفعل شيئاً حيال الوضع هنا، عندها يمكن لأطباء بلا حدود أن تنقل هذه الخدمات إلى أناس آخرين محتاجين. ربما ليس في جنوب السودان، ولكن في أجزاء أخرى من العالم".

ولكي يكون لها تأثير طويل الأجل على جودة الرعاية في البلاد، تقوم أكاديمية أطباء بلا حدود للرعاية الصحية بتدريب العاملين في مجال الرعاية الصحية المعينين محلياً في جنوب السودان في العديد من الولايات لتعزيز الكفاءات وتحسين جودة الرعاية.

 

حاجة ملحة لضمان حصول السكان الضعفاء على الرعاية المنقذة للحياة

لا يزال جنوب السودان، بعد اثني عشر عاماً من استقلاله، يواجه احتياجات هائلة، وأزمات مستمرة مثل النزاع والنزوح، وتحديات جديدة مثل تغير المناخ. وتؤدي هذه الأزمات والتحديات إلى تضخيم وتسريع الأمراض الموجودة بالفعل والوضع الإنساني المؤسف. ووفقاً للأمم المتحدة، يحتاج ثلثا السكان، أي حوالي 9.4 مليون شخص، إلى المساعدة الإنسانية والرعاية الصحية والحماية. وتعاني البلاد من احتياجات إضافية مع وصول عائدين ولاجئين من السودان، والتي لا يمكن للاستجابة الإنسانية الحالية استيعابها. وهي تمر أصلاً بواحدة من أسوأ الأزمات في العالم.

وعلى الرغم من ذلك، لاحظت أطباء بلا حدود انخفاضاً تدريجياً في التمويل الدولي للصحة في البلاد، مما أدى إلى زيادة مخاطر الآثار الصحية والاجتماعية الخطيرة على السكان. ويجب على حكومة جنوب السودان والشركاء الدوليين في قطاع التنمية الاستثمار في النظام الصحي في البلاد وإشراكه ودعمه. وهناك حاجة إلى استثمار مستدام ومتسق لتجنب التدهور المستمر للوضع وأي أزمة محتملة أخرى.