السودان: تزايد الاحتياجات الإنسانية لأكثر من نصف مليون نازح جديد فروا من العنف في ود مدني

Fadasi Camp Wad Madani
تمرير
16 يناير 2024
الدول ذات الصلة
السودان
شارك
طباعة:

نيروبي، الإثنين 15 يناير\كانون الثاني 2024 – في 15 ديسمبر، شنت قوات الدعم السريع هجومًا على ود مدني بالسودان، وسيطرت على عدة مدن ومناطق أخرى في ولاية الجزيرة خلال أيام. ومنذ ذلك الحين، نزح أكثر من نصف مليون شخص نتيجة القتال وانعدام الأمن الذي أعقبه، بمن فيهم حوالي 234,000[1] شخص نزحوا سابقًا إلى ود مدني مع تصاعد أعمال العنف في الخرطوم.

خلقت الفوضى التي أعقبت تطورات النزاع المتواصل، وانعدام الأمن الشديد وانتشار العنف، بيئة لم تعد فيها منظمة أطباء بلا حدود قادرة على العمل في ود مدني. واضطرت المنظمة إلى تعليق جميع أنشطتها وإجلاء موظفيها من ود مدني في 19 ديسمبر/كانون الأول، تاركة وراءها أناساً بفرص أقل للحصول على الخدمات الطبية الأساسية. كما اضطررنا أيضًا إلى إجلاء موظفينا من الدمازين وأم راكوبة بولاية القضارف ودوكا. وفي الدمازين قلصنا أنشطتنا.

تواجدت منظمة أطباء بلا حدود في ود مدني منذ مايو/أيار 2023. وكانت الظروف قاسية بالفعل بالنسبة لنصف مليون نازح يعيشون هناك، ممن شكلوا حينها 8 بالمائة من جميع النازحين في السودان، في أزمة نزوح تعتبر الأكبر في العالم مع لأكثر من 6 ملايين شخص أجبروا على ترك منازلهم داخل البلاد، بالإضافة لما يقارب [2]1.5 مليون شخص آخرين لجأوا إلى بلدان مجاورة.

 وفي الفترة بين مايو/أيار ونوفمبر/تشرين الثاني، أجرت فرق أطباء بلا حدود 18,390 استشارة طبية (40 بالمائة منها لأطفال دون سن 15 عاماً) في مئات المواقع التي تستضيف النازحين في جميع أنحاء ولاية الجزيرة، وفي المدارس أو المباني العامة القديمة.

يقول سليمان عمار، المنسق الطبي لمنظمة أطباء بلا حدود في السودان، عبر عياداتنا المتنقلة، قامت منظمة أطباء بلا حدود بتشخيص وإحالة 66 طفلاً يعانون من سوء التغذية الحاد مع مضاعفات خطيرة خلال الأشهر الستة الماضية - وهي حالات يمكن أن تكون قاتلة إذا لم يتم علاجها في المستشفى بشكل عاجل".

وأضاف "المرافق الصحية كانت مكتظة. ومع زيادة عدد سكان المدينة بنسبة 30 في المائة، إذ كان هناك المزيد والمزيد من المرضى، كما كانت هناك تحديات كبيرة في مجالي التوظيف والإمداد اللوجستي. ومع ارتفاع أسعار جميع السلع، أصبح الوصول إلى الخدمات المنقذة للحياة عائقًا أمام النازحين والمقيمين على حد سواء. وفي الوقت الحاضر، مع رحيل معظم المنظمات الدولية - وعلى الرغم من الجهود التي يبذلها العاملون الصحيون من المتطوعين المحليين - لا يمكننا إلا أن نفترض أن الوضع قد تفاقم".

خلال الشهر الماضي، شهدت فرق منظمة أطباء بلا حدود في ولايتي القضارف وكسلا - حيث تعمل المنظمة هناك منذ عام 2021 استجابة لأزمة تيغراي الإثيوبية - وصول آلاف الأشخاص من ود مدني[3]، وتقوم حاليًا بتقييم الوضع الصحي المتصاعد والاستجابة له. وفي الطنيدبة بالقضارف، بدأت منظمة أطباء بلا حدود تدخلًا طارئًا قصير المدى للاجئين الإثيوبيين والنازحين حديثًا من المواطنين السودانيين، شملت الرعاية الصحية الأوليّة وخدمات المياه والصرف الصحي وتوزيع الحصص الغذائية والتبرعات لمرة واحدة. ومع ذلك، فمن المهم الإشارة إلى أن الأنشطة في الطنيدبة قد تم تخفيضها مؤقتًا بسبب تصاعد حدة النزاع في ود مدني.

لقد أسفر النزاع في السودان إلى معاناة لا حصر لها، وتسبب في نزوح الملايين، وقتل الآلاف، وإصابة عدد لا يحصى من الأشخاص. والآن فإنه بالنسبة للعديد من النازحين، تعتبر القضارف وكسلا المحطات الأخيرة في رحلة طويلة بحثًا عن الأمان، والتي عانوا خلالها من العنف ونقص الاحتياجات الأساسية مثل الغذاء والمياه النظيفة وخدمات الصرف الصحي والرعاية الطبية.

"نحن في الأصل من دارفور، ولكن بسبب الاشتباكات العنيفة والأزمة هناك، ذهبنا إلى الخرطوم. لكن الحرب تبعتنا إلى الخرطوم، فنزحنا إلى ود مدني، بعد ذلك، استمرت الحكاية”. يقول سالم[4]، وهو نازح وصل مع عائلته إلى موقع تجمع في محلية المفازة بالقضارف منذ أسبوعين قادمين من ود مدني. وكانت عائلة سالم نزحت من الخرطوم منذ ثمانية أشهر، بعد أن تم قصف منزلهم وأدى إلى إصابة أحد أطفالهم بجروح خطيرة.

"كنا ستة أشخاص في المنزل، وفي ذلك الوقت كانت زوجتي حاملاً. تم تدمير منزلنا. وأصبت في ذراعي، لكن إصابة طفلي في رأسه كانت أسوأ بكثير. تمكنا من نقله إلى المستشفى لأنه احتاج إلى عملية جراحية عاجلة لإنقاذ حياته. ولكن بمجرد خروجه من المستشفى، اضطررنا إلى النزوح من المدينة بسبب انعدام الأمن. ووصلنا إلى مخيم النازحين في ود مدني، وأنجبت هناك.

وفي منتصف ديسمبر/كانون الأول، فر هو وعائلته مرة أخرى إلى الطنيدبة، "بدأت الاشتباكات، وبدأنا نسمع أصوات إطلاق النار وهؤلاء الرجال المسلحين يتقاتلون مرة أخرى. وعلى الفور قررنا الرحيل. بدأت أفكر أين يجب أن نذهب الآن. لم يكن هناك مكان آمن في ذلك الوقت."

في منطقة كانت فيها الرعاية الصحية والأدوية الأساسية محدودة للغاية أصلاً، يعاني النازحون الآن من تزايد الطلب على الخدمات الصحية، الناجمة عن الآثار المباشرة وغير المباشرة للعنف. وتتزايد الاحتياجات الأساسية بشكل متصاعد مما يتطلب استجابة عاجلة.

تقول بولين لينغلر، منسقة مشروع الطوارئ لمنظمة أطباء بلا حدود في السودان، "في مواقع التجمع في مدينة كسلا، أخبر النازحون فرقنا أنهم لم يتلقوا أي مساعدة منذ وصولهم في منتصف وأواخر ديسمبر/كانون الأول. إذ تنام العائلات على الأرض، ولا يزال الوصول إلى الرعاية الصحية مقيدًا بشدة، فهناك عدد قليل من المرافق الطبية العاملة، ولا يتم توفير الأدوية بشكل مجاني. وقد أخبرنا العديد من الأشخاص أنهم غير قادرين على شراء سلع مثل الغذاء والدواء، مما يضطرهم إلى الاختيار بين شراء إحدى هذه الضروريات. ويقوم فريق منظمة أطباء بلا حدود باستمرار بتقييم الاحتياجات في المواقع الجديدة التي يتم افتتاحها لإيواء النازحين حديثاً. وفي جميع هذه الأماكن، نرى أن حجم المساعدات الإنسانية المقدمة لا يزال غير كاف على الإطلاق لتلبية احتياجات الناس الأساسية وضمان ظروف معيشية كريمة لهم".

 


[1] تقرير مركز من المنظمة الدولية للهجرة (IOM) لتتبع النزوح (DTM). 8 يناير\كانون الثاني 2024

[2]   وفقًا لمصفوفة تتبع المنظمة الدولية للهجرة والنزوح (IOM DTM)، ومفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين (UNHCR). 15 يناير 2024

[3] وصل 64 ألف نازح إلى القضارف و30 ألفاً إلى كسلا منذ 15 ديسمبر/كانون الأول، بحسب الأمم المتحدة.

[4] الاسم المستعار لحماية هوية المريض