مشروع فريد من نوعه في طاجيكستان يساعد الأطفال على التعافي من مرض السل

TB Day
تمرير
24 مارس 2022
قصة
الدول ذات الصلة
طاجيكستان
شارك
طباعة:

الأطفال معرضون بشكل خاص للإصابة بمرض السل. ولسوء الحظ، فإن تشخيص مرض السل لدى الأطفال معقد وقد يكون نظام العلاج المرهق الذي يجب أن يخضع له الأطفال مصحوبًا بالتنمر أو الشعور بالوحدة. وتبرز الحاجة إلى طرق تشخيص مُكيَّفة ونهج شامل للعلاج للتغلب على المرض الذي يضعف أجسام الأطفال. ويعتبر علاج السل وتشخيصه لدى الأطفال جزءًا من مشروع مبتكر في طاجيكستان تديره منظمة أطباء بلا حدود ووزارة الصحة والحماية الاجتماعية الطاجيكية.

تقول طبيبة تعمل في منظمة أطباء بلا حدود في طاجيكستان الدكتورة زوفليا دوسماتوفا، "تختلف أعراض الإصابة بمرض السل لدى الأطفال عن البالغين. غالبًا ما تشبه الأعراض لدى الأطفال أمراضًا أخرى، وبالتالي قد يعالجهم أطباء الأطفال من الفيروسات أو الأمراض مثل الزكام أو التهاب الشعب الهوائية."

وتضيف الدكتورة دوسماتوفا، "عادة ما يكون الأطفال غير قادرين على التعبير عما يؤلمهم بالتحديد ووصف المشاكل التي يعانون منها. في الواقع قد يعاني الطفل من تضخم في الغدد الليمفاوية، وما يرافقه من فقدان للوزن والشهية دون أن يلاحظ والديه ذلك."

إذا لم يتم تشخيص مرض السل في الوقت المناسب فقد يتطور بسرعة، وفي أسوأ الحالات يمكن أن يؤدي إلى الوفاة. ومن جهة أخرى، غالبًا ما يصيب مرض السل أجزاء أخرى من الجسم غير الرئتين (مثل الغدد الليمفاوية داخل الصدر) وبالتالي لا يمكن تشخيصه بواسطة الأشعة السينية. ويعد الفحص بالتصوير المقطعي المحوسب، الذي قد يسمح باكتشاف هذا النوع من السل، مكلفًا للغاية ولا يتم استخدامه كثيرًا.

تحاول أطباء بلا حدود بالتعاون مع وزارة الصحة والحماية الاجتماعية في طاجيكستان، التغلب على هذه الحواجز. وافتتحت هذه المؤسسات في العام 2011 برنامجًا يركز على مرض السل لدى الأطفال، وبدأت بتتبّع المخالطين في الأسر وتشخيص الأطفال الذين كانوا على اتصال بالمصابين بالسل.

تقول الدكتورة دوسماتوفا في هذا الصدد، "في معظم الحالات، يلتقط الأطفال العدوى من أفراد العائلة. يقضي الأطفال الصغار الكثير من الوقت مع والديهم أو أجدادهم الذين قد يكونون مصابين بالسل وهكذا يلتقطون العدوى."

يعد تتبع المخالطين طريقة فعالة للتعرّف على الحالات "المستترة" التي قد يصعب اكتشافها في المجتمع سواء بسبب غياب الأعراض أو عادات التماس الرعاية الصحية أو نقص التثقيف الصحي أو التعرّض للوصم، ويؤثّر ذلك على حالات السل الكامن والسل لدى الأطفال على وجه الخصوص.

وبفضل تتبع المخالطين تم تشخيص إصابة طفلي سورايو بالسل، بيبسولاها البالغة من العمر ست سنوات وزين الدين البالغ من العمر ثماني سنوات، وهما يخضعان حاليًا للعلاج.

تقول سورايو، "كنت أعلم أن أبي مريض، ولأنني أدرك أن المرض معدي، تركتُ أطفالي في منزل زوجي." وتضيف، "كنت أخشى أن يصابوا بالمرض. وبعد ثلاثة أشهر، أحضرت أطفالي إلى منزل والديّ، حيث أعيش."

تتابع سورايو، "ثم جاءت منظمة أطباء بلا حدود وأجرت أشعة سينية وفحوصات أخرى. وعندما أكدت لي أن أطفالي مصابين بالمرض، لم أصدق ذلك."

كما افتتحت أطباء بلا حدود غرفة مخصصة لتحفيز خروج البلغم. والبلغم عبارة عن مخاط سميك يسعله البالغون عندما تكون رئتهم بحالة غير جيدة بسبب المرض أو عندما تكون تالفة. ويعتبر تحليل زرع البلغم أفضل طريقة لتشخيص مرض السل. ومع ذلك، يواجه الأطفال صعوبة كبيرة في إنتاجه بأنفسهم. ويستخدم تحفيز خروج البلغم آلة البخاخات التي من خلالها يستنشق الطفل محلول السايلين المركز، مما يؤدي إلى السعال وإنتاج البلغم.

تشرح زاميرا رخمونوفا، ممرضة تعمل مع أطباء بلا حدود في مستشفى الأطفال لعلاج السل في دوشانبي، "نقوم بتحفز خروج البلغم من أجل التشخيص وأثناء العلاج لتحديد ما إذا كان الطفل معديًا ويجب عليه البقاء في المستشفى أو أنه لم يعد معديًا ويمكن علاجه في المنزل." وتضيف، "بمجرد أن يصبح لون البلغم أبيض شفاف وتكون نتائج الاختبارات الأخرى مثل الأشعة السينية جيدة، يمكنه العودة إلى المنزل ومواصلة العلاج هناك."

وتقول الدكتورة دوسماتوفا، "عملنا على تيسير إمكانية إكمال معظم العلاج في المنازل وبمتابعة العائلات. وهذا ما نسميه بعلاج المراقبة المباشرة من الأسرة. نزور العائلات ونشرح للأمهات أو غيرهم من مقدمي الرعاية الأدوية التي يحتاجها أطفالهم، ووقت تناولها وكيفية تخزينها."

وتتابع الدكتورة دوسماتوفا، "قبل اعتماد علاج المراقبة المباشرة من الأسرة، كان علينا إقناع الوالدين بأن طفلهما يجب أن يبقى في المستشفى حتى لو لم يكن مصابًا بالعدوى. كان الأمر صعبًا لأن المستشفى قد تكون بعيدة، ولا يملك الوالدين دائمًا المال لزيارة المريض فيها. وفي النهاية، لا أحد يرغب في البقاء في المستشفى لمدة ثلاثة أو أربعة أشهر."

كجزء من برنامج علاج المراقبة المباشرة من الأسرة الفريد من نوعه، تجري فرق أطباء بلا حدود عادةً فحوصات طبية شهرية، وتقدّم الأدوية والغذاء والدعم النفسي لمساعدة الأطفال وعائلاتهم على تحمل العلاج.

تقول مديرة أنشطة الصحة النفسية في أطباء بلا حدود في طاجيكستان تانيا مرشد، "يصعب على الأطفال فهم ما يحدث في أجسادهم. لماذا أصيبوا بهذا المرض؟ ماذا سيحدث لهم؟ يراودهم الكثير من الخوف، بعضه نابع من الوصمة المنتشرة حول هذا المرض".

يقول مرشد، "قد يؤدي أحد الأدوية إلى تغيير لون جلد المريض وقد يتعرض للتنمر أو المضايقة من قبل أقرانه بشأن ذلك. وبالنسبة للمراهقين، وخاصة المراهقات، فقد يؤثر ذلك على فرصهم في الزواج، لأن العائلات الأخرى قد تقول، 'ما خطب هذه العائلة؟ لا نريدها أن تصيبنا بمرض السل. 'لذلك، يمكن أن تؤثر كل هذه المشكلات على مستقبلهم ويمكن أن تسبب الحزن والقلق والتوتر والعزلة."

للأسف عادة ما يتجاهل العديد من الأشخاص مرضى السل في طاجيكستان.

تقول ماهينا البالغة من العمر 21 عامًا، والتي تعاني من مرض السل المقاوم للأدوية المتعددة، "تقبّل بعض أصدقائي الأعزاء إصابتي بالسل، ولكن البعض الآخر لم يتقبل ذلك." وتضيف، "عند معرفتهم بإصابتي ببكتيريا قد تسبب العدوى، توقفوا عن التحدث معي. شعرت بالألم قليلًا لأنهم أحبوني فقط عندما كنتُ أتمتع بصحة جيدة."

كذلك يهدف مشروع أطباء بلا حدود في طاجيكستان إلى محاربة الوصمة والمعلومات المضللة والمخاوف، فمن خلال تثقيف العائلات، يتغير المجتمع ببطء.

تقول سورايو، "في البداية، عندما علم جيراننا أن أطفالي مصابون بالسل، لم يسمحوا لأطفالهم باللعب معهم. قالوا لأطفالهم ألا يأتوا إلى هنا. لكنهم يفهمون الآن أن أطفالي ليسوا معديين، ويلعبون معًا. كما يخبر أطفالي الآخرين أنهم يتلقون العلاج بالأدوية."

يحتاج الأطفال المصابون بالسل إلى تناول حبوب متعددة كل يوم. لحسن الحظ، حدث تطور هائل، خاصة في علاج الأشكال المعقدة من السل مثل السل المقاوم للأدوية المتعددة.

في العام 2017، طوّرت أطباء بلا حدود دليلًا إرشاديًا لتشخيص مرض السل لدى الأطفال وعلاجه في جمهورية طاجيكستان يوصي بأنظمة علاج أقصر باستخدام الأدوية الأحدث مثل ديلامانيد وبيداكويلين. كما اعتمدت وزارة الصحة الطاجيكية هذه الإرشادات التي طورتها منظمة أطباء بلا حدود، وأصبحت إحدى دولتين فقط حتى الآن في منطقة أوروبا الشرقية وآسيا الوسطى اللتين عملتا على تضمين توصيات منظمة الصحة العالمية في إرشاداتها الوطنية.

تقول الدكتورة دوسماتوفا، "بدأنا في استخدام أنظمة علاجية جديدة للأطفال المصابين بالسل المقاوم للأدوية المتعددة والتي تتضمن أدوية جديدة تم تغيير استخدامها، مثل بيداكويلين أو ديلامانيد أو كلوفازيمين، وكنا نراقب مدى فعاليتها." وتضيف، "أفضت هذه الأدوية إلى نتائج جيدة وليس لها أي آثار جانبية."

تقول الدكتورة دوسماتوفا، "مقارنة بالأدوية التي استخدمناها سابقًا، نجد فرقًا كبيرًا. ففي السابق، كان يتعين على الأطفال الحصول على حقن مؤلمة لها آثار جانبية خطيرة، مثل فقدان السمع. وتسببت الأدوية الأخرى بالغثيان والقيء أو الإسهال. أمّا الأدوية التي أوصت بها حديثًا منظمة الصحة العالمية فإما ليس لها مثل هذه الآثار الجانبية أو تكون ضئيلة للغاية."

وتقول الدكتورة دوسماتوفا، "ساعد عملي في منظمة أطباء بلا حدود على تغيير رأيي حول مرض السل لدى الأطفال من ناحية العلاج ورعاية المرضى. وأنا أعلم الآن أنه من المهم إجراء تتبع المخالطين وعلاج الأطفال في المنزل." وتضيف، "منذ أن بدأت أطباء بلا حدود العمل هنا، أرى قدرًا لا يُصدق من التقدم. وهذا يعدّ مشروعًا فريد من نوعه في هذه المنطقة لأننا بدأنا في تشخيص الأطفال على وجه التحديد وعلاجهم."