تمرير

اليمن:"نسمع أصوات ما معدله خمسة انفجارات في الدقيقة، مدينة تعز تئن تحت نيران الحرب"

4 فبراير 2018
تدوينة
الدول ذات الصلة
اليمن
شارك
طباعة:

"وصلت إلى تعز للتو، حيث نقدم الدعم هنا لعدة مستشفيات على كلا طرفي الجبهات. وبالرغم من أنني قرأت في وسائل الإعلام قبل مجيئي إلى هنا عن دقة الوضع الإنساني، فقد أدركت خلال أسبوعي الأول هنا مدى تردي الوضع وكمّ التحديات التي يواجهها السكان بشكل يومي".

في اليوم الذي وصلت فيه إلى تعز، في الرابع والعشرين من شهر يناير/ كانون الثاني 2018، تصاعدت حدة العنف على طول خطوط جبهات القتال المُحيطة بمدينة تعز وقد كانت الأيام القليلة الماضية صعبة للغاية. وللأسف هذا هو واقع الحياة اليوميّة التي يعيشها الناس هنا.

على مدى الأيام الثلاثة الماضية عالجنا 117 جريح حرب وتستمر الأعداد في التزايد. ومع تصاعد حدة النزاع، كانت غرف الطوارئ وغرف العمليات تفيض بالجرحى حيث استقبلنا في يوم واحد 70 مصاباً. نعالج أنواعاً مختلفة من الإصابات: الإصابات الناتجة عن الطلقات النارية أو الشظايا أو الألغام المنفجرة. شعرت بالصدمة حين وصلت إلى المستشفى.

وقد كان طاقم المستشفى يعمل بشكل متواصل خلال الأيام القليلة الماضية، وبعضهم لم يحصل إلا على قسط قليل من النوم، بينما يحاولون معالجة حالات الجرحى. بعض الجرحى نجا وبعضهم لفظ أنفاسه، وقد كانت مشاهد الأسى واليأس من أقسى ما يمكن رؤيته. وأدركت من خلال عدد الطلبات القادمة من المستشفى على تبرعات الدم وأكياس الجثث الواقع الصعب الذي يعيشه أهل تعز منذ سنوات.

أخبرتنا إحدى النساء، وهي أم لخمسة أولاد، أن ابنها الأصغر (16 عاماً) أصيب بشظية بينما كان يلعب كرة القدم. فاضطرت لبيع مجوهراتها لتدفع تكلفة النقل – وقد كانت تحتفظ بمجوهراتها للمستقبل من أجل أولادها، ولم يخطر ببالها أنها ستستخدمها لإنقاذ حياتهم. وقد وصل ابنها إلى مستشفانا وهو الآن في وضع مستقر.

منذ أن تصاعدت حدة النزاع في اليمن في عام 2015 لم تتوقف المعارك، ولسوء الحظ لم تتحسن الظروف كثيراً منذ ذلك الوقت إلى الآن. يحاول سكان المدينة عدم الخروج من بيوتهم إلا في حال الضرورة، لكن كوادرنا ملتزمة بمعالجة الجرحى والقدوم إلى مرافقنا الطبية بكل تصميم، وأنا فخور لكوني أعمل معهم.

أسمع باستمرار أصوات إطلاق النار وأصوات القصف القادمة من خطوط الجبهات، وهي قريبة جداً من مرافقنا الطبية، الأمر الذي يضع ضغوطاً إضافية على كوادرنا، سواءً من الناحية النفسية أو البدنية. وخلال هذا الأسبوع كنا نسمع بمعدل وسطي خمسة انفجارات كل دقيقة.

أحد أفراد طاقمنا واسمه حكيم، طلب من أولاده أن يبقوا داخل البيت ولا يخرجوا، فسألته ابنته:

"إذاً إلى أين تذهب أنت كل يوم؟".

تُقدم لنا مثل هذه القصص لمحة عن المصاعب اليومية والوضع الحرج.

تقلقني الاحتياجات الطبية المتزايدة وأمن جميع أفراد الطاقم الطبي والمرافق الطبية. وتدعو منظمة أطباء بلا حدود بشكل دائم جميع الأطراف إلى احترام العمل الذي نقوم به من خلال الحفاظ على سلامة المرافق الطبية والتمكن من بالوصول إلى جميع من هم بحاجة إلى رعاية طبية. إضافة إلى ذلك، نواصل التأكيد على حيادية وعدم تحيّز عمل أطباء بلا حدود وأن خدماتنا الطبية متاحة لجميع الجرحى بغضّ النظر عن انتمائهم.

وفي الوقت نفسه آمل أن تزيد المنظمات الإنسانية الأخرى مساعداتها تبعاً لحراجة الوضع في تعز بشكل خاص وفي اليمن بشكل عام. في الوقت الحالي تعتبر تعز من أكثر المناطق التي يشتد فيها النزاع في البلاد والاحتياجات الإنسانية فيها كبيرة جداً.

مازالت أطباء بلا حدود واحدة من المنظمات الطبية القليلة العاملة في تعز. وبالنسبة إلينا، فإن النزاع والاحتياجات الطبية الإنسانية الكبيرة هي الأسباب الرئيسية لوجودنا في البلد. وتبقى منظمة أطباء بلا حدود ملتزمة بالعمل في اليمن ودعم السكان المحتاجين.

تعمل منظمة أطباء بلا حدود في تعز منذ عامين وعلى خطي الجبهات، وقد جعلتنا المعارك الجارية ندرك، مجدداً، أهمية وجودنا في هذا المكان بالتحديد.