بقلم الدكتور غابرييل ألكوبا، المستشار الطبي، لدغات الأفاعي /الأمراض المدارية المهملة - أطباء بلا حدود
"أذكر زماناً كنا نستخدم فيه ألبومات الصور لتحديد نوع الأفاعي في مستشفيات أطباء بلا حدود. كان الطاقم الطبي يتصفح الصور لمعرفة الأفعى التي لدغت المريض. شاهدت هذا بنفسي في جنوب السودان وفي بلدان أخرى أثناء العمل على التسمم بلدغات الأفاعي والأمراض المدارية المهملة الأخرى.
اليوم، أنشأ خبراءٌ قاعدةَ بيانات للتعرف على أنواع الأفاعي، تضم 380 ألف صورة لأفاعي من بلدان مختلفة، باستخدام الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي. ويجري الآن تجريب هذا النهج المبتكر من خلال مستشفيين تابعين لأطباء بلا حدود في بلدتي تويك وأبيي في جنوب السودان.
وبالتعاون مع وحدة الصحة في جامعة جنيف ودعم من فرق أطباء بلا حدود على الأرض في جنوب السودان، فضلاً عن القسم الطبي وقسم الابتكار في أطباء بلا حدود في سويسرا، نعمل على تحسين قاعدة بياناتنا. نقوم بتطوير برنامج يستخدم الذكاء الاصطناعي للمساعدة في تحديد أنواع الأفاعي في الميدان، والتمييز بين الأفاعي السامة وغير السامة. ويمكن لهذا البرنامج أن يوصي بأفضل إجراء لشخص تعرض للدغ من قبل أفعى قبل وصوله إلى المستشفى.
نعمل حالياً على جمع صور عالية الجودة لإدخالها في هذا البرنامج. ويُعد جنوب السودان من البلدان التي فيها أقل عدد من الدراسات البيئية للأفاعي، ولكنه يعاني أيضاً من ارتفاع معدلات دخول المستشفى بسبب لدغات الأفاغي في مستشفيات أطباء بلا حدود، لا سيما بين شهري مايو وأكتوبر.
لكي يتعرف الذكاء الاصطناعي على أفعى معينة، نحتاج إلى صورة لها، إما وهي لا تزال على قيد الحياة (مع اتخاذ جميع الاحتياطات اللازمة) أو، عندما تكون ميتة، (ومع ذلك ينبغي أخذ الكثير من الاحتياط لأنها لا تزال قادرة على اللدغ). وإذا تعرض شخص ما للدغ، يمكن لضحية اللدغة أو شخص قريب أن يحاول التقاط صورة للأفعى بعد حدوث اللدغة، ولكن يجب أن يتم ذلك بحذر شديد. وإذا لم يكن من الممكن التقاط صورة في وقت اللدغة، فيمكن لموظفينا العودة إلى موقع اللدغة ومحاولة التقاط صورة للأفعى، كذلك بحذر فائق.
بمجرد حصولنا على صورة، يتم إدخالها في برنامج الذكاء الاصطناعي، الذي يقارنها بآلاف الصور للتعرف على الأفعى أو إضافتها كإدخال جديد مع إحداثيات الموقع الجغرافي.
النتائج المبكرة واعدة؛ ففي بعض الأحيان يحدد الذكاء الاصطناعي الأفاعي بشكل أفضل من الخبراء! على سبيل المثال، يمكن أن يفرق بين الأفاعي السامة مثل الكوبرا المصرية أو المامبا السوداء والأفاعي غير الضارة مثل أفعى البيت الإفريقية. ومع توافر صور ذات جودة أفضل، والتمويل، والمزيد من الأبحاث، يمكن أن يوفر تطبيق الذكاء الاصطناعي هذا المساعدة في الوقت الفعلي للمرضى، من تحديد نوع الأفعى إلى اختيار الترياق المناسب.
لا تزال هناك حاجة إلى مزيد من البحث. ففي كثير من الأحيان، يتلقى المرضى العلاج الخاطئ لأن الأفعى لم تُحدد بشكل صحيح، أو يتم إهدار الترياقات القيمة على لدغات أفاعي غير سامة، والتي يمكن أن تسبب أيضاً آثاراً جانبية خطيرة. الترياق نادر ومكلف للغاية، ويكلف المريض في أي مكان ما يعادل راتب شهر إلى راتب عام.
يهدف مشروع التوعية بلدغات الأفاعي والتعرف عليها بالذكاء الاصطناعي في المجتمعات، واختصاره (SNAICS)، رفقة تطبيق AI Snake، إلى تحسين فهمنا لأنواع الأفاعي المختلفة وتحسين إمداداتنا من الترياقات، وضمان الاستجابات السريرية الفعالة".
تعد لدغات الأفاعي مصدر قلق صحي عالمي، وهي ذات صلة بظروف النزوح والصدمات المناخية كالفيضانات. وفي كل عام، يتعرض خمسة ملايين شخص للدغات الأفاعي؛ ومن بين هؤلاء، يعاني مليونان من آثار شديدة، ويموت ما بين 81000 و 138000 نتيجة لدغات الأفاعي، وفقاً لبيانات منظمة الصحة العالمية.
يمكن أن يسبب سم الأفعى ثلاث متلازمات رئيسية: تورم الجلد، وتدمير العضلات، والنزيف المميت أو شلل الجهاز التنفسي. وتصنف لدغات الأفاعي على أنها مرض مداري مهمل، يؤثر بشكل أساسي على الناس في المناطق النائية أو الريفية أو المغمورة بالفيضانات أو مناطق النزاع في البلدان منخفضة ومتوسطة الدخل. وبالتالي، فهي ليست سوقاً مربحة لشركات الأدوية الكبرى أو صانعي السياسات، على الرغم من تضرر الملايين منها. وفي الواقع، لم يتم إعطاء الأولوية لإجراء البحوث على مضادات سموم فعالة "متعددة التكافؤ" تكون أقل تعقيداً وأكثر أماناً وبأسعار معقولة.
المصادر:
1. منظمة الصحة العالمية. يوم التوعية العالمي بلدغات الأفاعي ISBAD 19 سبتمبر 2024: https://www.who.int/news-room/events/detail/2024/09/19/default-calendar/international-snakebite-awareness-day-2024
2. الموقع الرئيسي لمنظمة الصحة العالمية/لدغات الأفاعي:https://www.who.int/health-topics/snakebite#tab =TAB _1
3. منظمة الصحة العالمية/لدغات الأفاعي وتغير المناخ: https://www.who.int/news/item/12-01-2024-snakebite-and-climate-change---a-call-for-urgent-action-to-future-proof-a-neglected-tropical-disease