تمرير

لأنني امرأة...

7 مارس 2018
قصة
الدول ذات الصلة
إفريقيا
شارك
طباعة:

تُجبر أعداد من النساء والفتيات أكبر من أي وقت مضى على النزوح، وقد بلغ عددهن في آخر إخصائية ما يقدر بنحو 32 مليوناً حول العالم، علماً أن بعضهن لا يزلن في ترحال.

iwd_graphics.jpg

الوقاية من الوفيات بين الأمهات والحوامل: الرعاية التوليدية

عانت اللاجئة البوروندية غلوريا التي تنتظر مولودها الثالث، في سبيل الوصول إلى تنزانيا. تمكنت غلوريا التي تقيم اليوم في مخيم ندوتا للاجئين أخيراً من الحصول على الرعاية التوليدية الطارئة.

الحوامل جزءٌ من أي مجموعةٍ من النازحين، وهذا ينطبق على النساء والحوامل اللواتي اضطررن إلى طلب الأمان في بلدانهن أو خارجها وهنّ في سن الإنجاب، أي بين سن 15 و45 عاماً.

يؤدي غياب الرعاية الروتينية إلى وضع النساء الحوامل ومواليدهن في خطر، غير أن غياب الرعاية الطارئة يهدد الحياة.

ويمكن لفرار النساء الحوامل أن يزيد من خطر الإجهاض أو الخداج (الولادة قبل الأوان). ويمكن لمشاكل يمكن السيطرة عليها عادةً، على غرار فقر الدم أو لقاح الكزاز، أن تؤدي إلى نتائج كارثية.

وتظهر الأدلة بأن وفاة الأمهات تؤثر أيضاً على احتمال بقاء أطفالهن على قيد الحياة.

في مخيم ندوتا في تنزانيا، كغيره من الأماكن، تعتبر شبكة الرعاية مهمةً بقدر أهمية نقاط الرعاية الفردية: إذ تكون العيادات المتنقلة والنقاط الصحية ومستشفى الأمومة التابع لمنظمة أطباء بلا حدود ومستشفى كيبوندو الخارجي مرتبطة جميعها لضمان توفير الرعاية لأكبر عدد ممكن من النساء الحوامل والفتيات.

تخفيف المعاناة: العنف الجنسي

تعمل جونكيل قابلةً على متن سفينة بحث وإنقاذ تديرها منظمة إس أو إس ميديتيراني بدعمٍ طبي من طواقم أطباء بلا حدود. لا تكتب النجاة لكل من يحاول عبور البحر، لكن أولئك الذي ينجون بحياتهم، تكون الرعاية الصحية التي يتلقونها على متن القارب الأولى لربما في حياتهم.

كلما تقابل منظمة أطباء بلا حدود نساءً أو فتيات نازحات، تكون بعضهن حوامل نتيجة تعرضهن للاغتصاب. فحالات الاغتصاب وغيره من أشكال العنف الجنسي شائعةٌ في الملاجئ المخصصة للنساء على متن سفينة أكواريوس.

في عام 2017، كانت اثنتان من أصل كل ثلاثة نساء وفتيات على متن السفينة يسافرن لوحدهن، وهذه مجموعة مستضعفة أخرى في سياق النزوح. كما أن اثنتين من أصل كل خمسة من هؤلاء كنّ من نيجيريا، علماً أن التقارير تؤكد بأن الكثير منهن قد تم تهريبهن بغرض التجارة الجنسية في أوروبا. يشار إلى أن الأشخاص القادمين من نيجيريا ممن أُنقذوا في ظل هذه الرحلة الخطرة هم اليوم في أغلب الأحيان نساء.

وليس لقاء طواقم المنظمة القصير الممتد على يومين أو ثلاثة أيام على متن السفينة سوى فرصةٍ مقتضبة إنما قيمة لتحذيرهن من المخاطر التي قد يواجهنها وتقديم النصح لهن بخصوص المساعدات الممكنة على غرار الحماية التي يمكن لهن الحصول عليها عند وصولهن إلى البر الأوروبي.

تعمل روكسانا قابلةً في كوتوبالونغ في بنغلاديش منذ ستة أعوام. وفي أغسطس/آب 2017، بدأت العيادة التي تعمل فيها بملاحظة وجود زيادة حادة في أعداد المريضات اللواتي عانين من العنف الجنسي بين اللاجئين الروهينغا الذين تدفقوا حديثاً قادمين من ميانمار.

يمكن أن يحدث العنف الجنسي في إطار عمل انتهازي كما يمكن أن يكون منظماً. وقد يكون سبباً للفرار لكن قد يحدث في إطار أي مرحلة من مراحل النزوح.

يعد العنف الجنسي حالة طوارئ طبية تتطلب العلاج في إطار نافذة زمنية قصيرة جداً للحؤول دون وقوع حمل غير مرغوب به أو حتى إصابات بالعدوى على غرار متلازمة نقص المناعة البشرية. وكثيراً ما تكون هذه النافذة الزمنية قد أقفلت عند طلب الرعاية الطبية.

رغم هذا لا تزال هنالك فرصة لتوفير رعاية هامة على صعيد الدعم النفسي الذي يعد أساسياً للمساعدة في تخطي الأزمة والتعافي منها. لكن ونظراً لوصمة العار أو وجود احتياجات أخرى تطغى على الأمر، فقد لا تسعى النساء اللواتي يقعن ضحايا للعنف الجنسي إلى طلب الرعاية.

وتشمل بعض الطرق الأكثر فاعلية في الوصول إلى من هن بحاجةٍ إلى الرعاية إبلاغهن بتوفر مثل هذه الرعاية وضمان سريتها وإدراجها في إطار خدمات صحية أخرى لكن من خلال توفير طاقم متخصص بها.

تعزيز مكامن القوة: الرعاية الصحية النفسية

أجبر نصف سكان سوريا على النزوح. فرّت سلمى برفقة أطفالها وأخ زوجها من ضواحي العاصمة السورية دمشق فاتجهوا جنوباً إلى درعا ثم عبروا الحدود إلى الأردن. وبعد مكوثهم فترة قصيرة في مخيم الزعتري، انتقلوا إلى مدينة إربد.

يمكن لبعض النساء والفتيات العثور على الأمان أو على الأقل العيش في أمان نسبي مقارنةً بالمكان الذي غادرن منه. غير أن هذا قد يترافق بإرث من العنف والعديد من أشكال الضغوط الناجمة عن العيش في بيئة جديدة. وفوق كل هذا كثيراً ما تضع النساء احتياجات أسرهن فوق احتياجاتهن الخاصة.

ففي الأردن على سبيل المثال، نجد أن ثمة الكثير من النسوة السوريات يرغمن على بذل كامل طاقتهن للوقوف على مسؤوليات معقدة. إذ يكافحن لدعم أسرهن مادياً أو قد يكن المعيل الوحيد بعد أن فقدن أزواجهن. وعادةً ما تكون معاناة أطفالهن السبب في مجيئهن إلى عياداتٍ كالتي تديرها منظمة أطباء بلا حدود.

توفر المنظمة في الأردن خدمات الرعاية الصحية النفسية للأطفال ولأمهاتهن في إربد والمفرق. ويقدم فريق إرشاد مكون من النساء فقط العديد من الأدوات التي تساعد النساء في استيعاب ما يجري والاستجابة بطريقة فاعلة. حيث يمكن للنساء النازحات وأسرهن بعد أن تجهزوا بفهمٍ جديدٍ لمكامن قوتهم، أن يسعوا نحو النجاح بدلاً من مجرد النجاة.

اتباع خطاهنّ

في ظل زيادة أعداد النازحين عالمياً خلال السنوات الأخيرة، زادت كذلك أعداد النساء والفتيات المرتحلات، سواء في إطار النزوح أو الهجرة أو اللجوء أو طلب اللجوء. كما أن رحلاتهن تنوعت وطالت في ظل كل عقبة جديدة تقف في طريق وصولهن إلى الأمان. لكنهن لسن بحاجةٍ إلى إطلاق أحكامنا عليهن، إنما هنّ بحاجةٍ إلى أشكال عدة من الدعم الذي يمكن أن يلبي احتياجاتهن في إطار ترحالهن.

هذا وإن النساء والفتيات بحاجةٍ خاصة إلى رعاية طبية ونفسية إضافية، وكذلك إلى الحماية. وكثيراً ما تتداخل هذه الاحتياجات. إذ يمكن للصحة والعافية أن تتضررا بشكل خطير في حال الحرمان من الرعاية الصحية، كما هو الحال في العديد من محطات الرحلة التي يخضنها.

ورغم بقاء الكثير من النساء النازحات طي النسيان، غير أن فرق أطباء بلا حدود تتبع خطاهن أينما أمكنها لتوفير الرعاية الطبية لهن. كما أننا نجهز النساء اللواتي نلقاهن بالمعارف والأدوات والخيارات اللازمة للتعامل مع صحتهن في ظل استمرار هذه الرحلة المحفوفة بالمجهول.