تمرير

اليونان – قصة أسامة: تُركوا للشارع

7 ديسمبر 2020
قصة
الدول ذات الصلة
اليونان
شارك
طباعة:

حوالي 11,000 لاجئ في اليونان يواجهون الإجلاء

بينما مازال آلاف الأشخاص عالقين على الجزر اليونانية..

يستمر التعسف والإجحاف بصمت على البر اليوناني..

بات الكثير من الناس الآن ينامون في العراء أو في ظروف خطرة، بعد أن فروا من الحروب والعنف في بلدانهم..

وفي هذه الأثناء، وُضع تعديل على قانون اللجوء يقضي بأن أمام اللاجئين الحاصلين على صفة اللجوء 30 يوماً فقط للاندماج في المجتمع بدون دعم أو مساعدة مالية.

وبدلاً من إعادة بناء حياتهم، يواجه هؤلاء الضعفاء الإجلاء ويضطرون للنوم في الشوارع.

كل ذلك خلال جائحة عالمية..

الكثيرون منهم هم مرضانا..

يعيش أسامة في مخيم فاثي مع زوجته وطفليهما. وبعد أن حصلوا على صفة اللجوء، تم إجلاؤهم من مسكن مدعوم في اليونان فاضطروا للنوم في الشارع. لم يكن أمام أسامة وأسرته من خيار سوى التوجه إلى مخيم على جزيرة ساموس حيث يعيشون الآن في خيمة مرتجلة، ولا يحصلون على مساعدة مالية أو طعام أو رعاية صحية أو أي نوع آخر من الدعم. وإليكم قصتهم..

"أنا في الأصل من فلسطين، لكني نشأت في سوريا. عندما اندلعت الحرب في سوريا كنت أعيش مع أسرتي في مخيم للاجئين بالقرب من دمشق. في عام 2012 بدأوا قصف المخيم وبحلول عام 2014 كان المخيم محاصراً بالكامل من قبل القوات الحكومية. كانت معيشتنا أشبه بمعيشة الحيوانات؛ لم يكن عندنا طعام. كنت أخشى على سلامة أسرتي لكني لم أرغب في الانضمام للحرب. لم أرد أن أشارك في القتال وقتل الناس.

هربنا إلى لبنان وبقيت لسنتين في مخيم للاجئين في بيروت. لكن الحياة هناك كانت شبه مستحيلة؛ لم يكن لدي عمل لأنفق على أسرتي. وابني مصاب بالتلاسيميا ولم نستطع أن نؤمن له الرعاية الصحية التي يحتاج.

في عام 2017 قررنا الانتقال مجدداً، هذه المرة إلى تركيا حيث عشنا مدة سنة في غرفة على سطح مبنى، لكن الحياة هناك كانت مستحيلة. فالعنصرية التي عانيت منها في تركيا كانت فظيعة. وبسبب لون بشرتي لم أستطع أن أجد عملاً هناك ولم يستطع ابني الحصول على الرعاية التي يحتاجها. أدركنا أن علينا أن نحاول الوصول إلى أوروبا. حاولنا مرات كثيرة من أماكن كثيرة، لكن أياً منها لم يكن آمناً. لم تكن أمامنا من فرصة للعيش بسلام.

في عام 2018، ركبنا قارباً لنعبر بحر إيجه؛ أنا وزوجتي الحامل وابني، مع 55 شخصاً آخرين. كان الأمر رهيباً؛ لم نظن أننا سننجو. حمداً لله تمكنا من الوصول إلى جزيرة خيوس ونحن أحياء. بقينا في المخيم هناك لثلاثة أشهر وكانت الحياة فيه مروعة. قدمت القابلات في أطباء بلا حدود المساعدة لزوجتي، كما استشارت مختصاً نفسياً كي تتمكن من التأقلم مع ما مررنا به من صدمات نفسية. كان وقتاً عصيباً وكنا قلقين للغاية على صحة ابننا إذ لم يكن ممكناً علاجه في الجزيرة.

msb22641high.jpg

أخيراً انتقلنا إلى فندق على البر الرئيسي، في بلدة اسمها غريفينا في شمال اليونان، حيث تمكنا من الحصول على علاج التلاسيميا لابني. وبعد مدة وُلدت طفلتي الصغيرة في المستشفى المحلي هناك. لكن حالما حصلنا على صفة اللجوء في يوليو/تموز 2020 أُخبرنا أن علينا أن نغادر وأنه سيتم إجلاؤنا. فبعد الحصول على صفة اللجوء يُعطى اللاجئون مهلة 30 يوماً لمغادرة سكنهم، وفق القانون اليوناني الجديد. لم يكن أمامنا مكان نذهب إليه. وجدنا أنفسنا في الشارع وليس بحوزتنا أي شيء. لا مال، لا طعام، لا مأوى.

بعد أن نمنا في الشارع لأربعة أيام لم يكن أمامي من خيار سوى أن آخذ أسرتي إلى مخيم فاثي على جزيرة ساموس. قدّم لي صديق خيمته. ها قد عدنا إلى وضع مروع. نعيش هنا مع جرذان ضخمة وأوساخ وطين، ولا نعرف ما سيحدث بعد ذلك. لا نحصل على مساعدة مالية؛ وليس لدينا طعام. بل نعيش على ما يقدمه لنا الآخرون في المخيم. ولا يحصل ابني إلى الآن على الرعاية التي يحتاجها لمرضه. تراه متعباً وضعيفاً معظم الوقت؛ وأذناه متورمتان وأنفه ينزف كثيراً.

كل ما أريده هو أن نعيش بكرامة. أريد أن أوفر لولداي فرصة حياة أفضل وأن يعيشوا حياة صحية ويذهبوا للمدرسة. أريد أن أتعلم لغات أخرى وأن أعمل لأنفق على أسرتي، لكني بحاجة لبعض الدعم أيضاً. كل ما أريده هو فرصة لبناء مستقبل لأسرتي".