تمرير

الهند: مكافحة سوء التغذية في المجتمعات المحلية

29 أبريل 2018
قصة
الدول ذات الصلة
الهند
شارك
طباعة:

تتزايد أعداد السكان المصابين بسوء التغذية في ولاية جهارخاند باستمرار عن المعدل الوطني، وهي ولاية هندية معروفة بتنوع مجتمعاتها القبلية. ومنذ يونيو/حزيران 2017 تعالج منظمة أطباء بلا حدود سوء التغذية الحاد في بلدة شاكرادربور، في ولاية جهارخاند، باستخدام نموذج مبتكر للإشراك المجتمعي. تعمل سوباشيني ديب ماهتو كمثقِّفة صحية مجتمعية مع أطباء بلا حدود، وهي من إحدى البلدات المحلية. فيما يلي تحكي لنا عن تجاربها في العمل مع أطباء بلا حدود وتعاملها المباشر مع سوء التغذية.

"أبدأ يومي قبل شروق الشمس، وحالما أنتهي من أعمال البيت وطهو الطعام ويتوجه أبنائي إلى المدرسة أضع إبريقاً من اللال تشا (الشاي الأسود) على الموقد وأتجهز للذهاب إلى العمل. يقع مكتب أطباء بلا حدود على بعد 3 كيلومترات من بيتي، وبحلول الثامنة والنصف صباحاً أكون قد وصلت المكتب على دراجتي.

أعمل مع أطباء بلا حدود منذ بداية مشروع علاج سوء التغذية هنا في 2017. بدأت العمل كعاملة صحية مجتمعية، أزور المجتمعات مع العامل الصحي للقرية المعيَّن من قبل ولاية جهارخاند لتحديد الأطفال المصابين بسوء تغذية وبحاجة إلى رعاية مستعجلة وإقناع أهلهم بأخذهم إلى مركز صحي لأطباء بلا حدود. أنا الآن أعمل كمثقِّفة صحية مجتمعية. أقدم المشورة للأمهات اللاتي يزرن مراكزنا الصحية كما أنظم أنشطة في القرى المحيطة.

مشكلة سوء التغذية هي مسألة قريبة إلى قلبي. عندما أتحدث إلى الأمهات في القرى، أتفهم ما يشعرن به. فأنا نفسي كنت أماً في سن المراهقة وعايشت ذات القصة. فقد أنجبت طفلة بعد زواجي بقليل، كان عمري حينها 17 عاماً ولم أعرف كيف أعتني بها. كان وزنها كيلوغرامين فقط عند ولادتها. في مجتمعنا هنالك معتقدات شعبية ومفاهيم خاطئة تفرض على الأمهات اللاتي على وشك الولادة أو الوالدات الجدد أطعمة محددة. ومن شأن ذلك أن يسبب سوء تغذية للأم ولطفلها. يعتقد الناس أن اتباع نظام غذائي غني للحامل سيجعل الجنين بديناً ما يؤدي إلى ولادة صعبة. بعد الحمل يُسمَح للمرأة أن تأكل مرة واحدة فقط في اليوم، بالرغم من أن زوجي كان يقدم لي بعض الطعام سراً. في بعض الأحيان لا يقدَّم للأطفال اللحم أو الحليب حتى يبدأوا بالمشي. كانت ابنتي تحصل على غذاء محدود للغاية يقتصر على حساء العدس والرز؛ ولا يُسمح بالبيض أو اللحم خلال السنوات الأولى.

msf230691_medium_1.jpg

كما تضطر المرأة أن توزع نفسها بين العمل في الحقل والقيام بأعمال المنزل، ولا يبقى لها سوى القليل من الوقت لملاعبة أطفالها والعناية بهم. كنت الشخص الوحيد الذي يقوم بأعمال المنزل ولم يكن هنالك من يساعدني في العناية بطفلتي. مع ولادة طفلي الثاني كنت قد تعلمت كيف أعتني بنفسي وبأطفالي. وجدت عملاً في منظمة غير حكومية تُعنى بالصحة الإنجابية للمرأة ثم انضممت لاحقاً إلى أطباء بلا حدود.

شاكرادربور، مثلها كمثل باقي مناطق ولاية جهارخاند هي منطقة قبائلية تضم الكثير من المجتمعات المحلية وهي شديدة التنوع. مثلاً في إحدى القرى التي أعمل فيها هنالك أربع لغات. دورنا كعاملين صحيين هو بناء جسور بين أطباء بلا حدود والمجتمعات. وجميع أفراد الفريق العامل في التثقيف الصحي وأنشطة التوعية المجتمعية هم من أهل المنطقة. عندما تم تدريبنا من قبل الأطباء في منظمة أطباء بلا حدود لنفهم سوء التغذية، قمنا أيضاً بمشاركة ما نعرف عن الثقافة القديمة والتاريخ وممارسات القبائل مع باقي الفريق.

الكثير من الناس في القرية لا يفهمون أن سوء التغذية هي حالة تحتاج إلى رعاية طبية. وغالباً ما يعزى سوء التغذية إلى أن الشخص مسكون بالأرواح أو إلى سوء الطالع، ويعرف محلياً باسم "بوني" أو "دهنا". بالتالي يكون المعالجون الشعبيون نقطة الاتصال الأولى لمعظم الأسر، وقد يقومون بوصف أعشاب طبيعية أو يقوموا بإجراء طقوس لطرد الأرواح. لذلك من الضروري أن تُعرِّف المجتمع بأهمية الكشف عن سوء التغذية والحصول على العلاج الطبي الملائم. ليس هنالك نقص في الغذاء في الغابات التي تعيش فيها هذه المجتمعات. ونحتاج أن نثقف الأمهات الشابات وأسرهن بأهمية طرق الإرضاع الصحيحة والنظام الغذائي المتنوع ومراعاة النظافة.

في البداية كان من الصعب جداً إقناع الأمهات وأسرهن بأسباب سوء التغذية والحصول على العلاج. بعض المجتمعات القبلية تعيش في عمق الغابات حيث لا توجد مواصلات عامة. وتضطر الأمهات للمشي مع أطفالهن عبر التلال لمسافة تزيد عن 2 – 4 كيلومترات للوصول إلى أقرب مركز صحي. غالباً ما يقوم الإخوة الأكبر سناً بجلب إخوتهم المرضى إلى مركز أطباء بلا حدود بعد المدرسة. في الشهر الماضي، كانت عيادتنا فارغة لبضعة أيام بسبب موسم الحصاد حيث يعمل فيه جميع الآباء والأمهات.

بعد أشهر من العمل الدؤوب تمكنَّا من كسب ثقة المجتمع. أحياناً يكون مركزنا الصحي مزدحماً بالناس ولا نجد وقتاً للراحة، فأضغط على نفسي لأنني أشعر بأننا نقوم بعمل مهم هنا. فأقسى شيء على الأم هو أن تشاهد ابنها وهو يذوي. أثناء إحدى زياراتي أمسكَت إحدى الأمهات بيدي وأخبرتني أنها دلَّت شخصاً آخر على مركزنا الصحي في بوسالوتا. وقد عالج المشروع أكثر من 600 طفل من هذه المجتمعات، وبينما هناك الكثير من العمل الذي مازال ينبغي القيام به، لا يفوتني شعور الفرح الذي يغمر العائلات عندما يسترد أطفالهم الصحة والسعادة".

عملت أطباء بلا حدود في الهند منذ عام 1999، حيث قدمت الرعاية الطبية لآلاف المرضى في أندرا براديش وتشاتيسغاراه ودلهي وجامو وكشمير وجهارخاند ومهاراشترا ومانيبور وتيلانغانا وأوتار براديش وغرب البنغال.