تمرير

من بعد الحرب وإعادة البناء منظمة أطباء بلا حدود تسلم أنشطتها الطبية بعد أربع سنوات في القيارة

25 أكتوبر 2020
قصة
الدول ذات الصلة
العراق
شارك
طباعة:

تقع مدينة القيارة على الضفة الغربية لنهر دجلة على بعد 70 كيلومترًا جنوب الموصل في محافظة نينوى، في شهر اب/أغسطس 2016 كانت هذه المنطقة تحت سيطرة تنظيم الدولة الإسلامية لمدة عامين ونصف وكان بالقرب من القيارة ست مخيمات تأوي ما يصل إلى 100 ألف شخص نزحوا خلال العمليات العسكرية لاستعادة بقية المناطق التي يسيطر عليها تنظيم الدولة الإسلامية.

الحرب والجرحى، الأطفال وسوء التغذية

كان الناس ينزحون بسبب النزاع ويصلون إلى مخيمات النازحين ونقاط الاستقبال مصابين فقامت منظمة أطباء بلا حدود باستجابة سريعة وأقامت موقعًا طارئًا للعلاج الجراحي في القيارة في تشرين الأول عام 2016 وفي كانون الأول/ديسمبر أنشأنا مستشفى جراحي ميداني لإجراء العمليات الجراحية الطارئة للسكان والنازحين في المخيمات حيث عالجت فرقنا آلاف المرضى الذين عانوا من مستويات مختلفة من الإصابات.

قال رئيس بعثة منظمة أطباء بلا حدود في العراق عام 2017 مارك فان دير مولن "لقد وصل المصابون كمجموعات وأفراد من النساء والأطفال والرجال جميعهم في حاجة ماسة إلى مساعدة عاجلة".

ويتذكر الجراح في منظمة أطباء بلا حدود، ألكسندر وروبلوسكي الوقت الذي كان يعمل فيه في المستشفى الجراحي الميداني قائلا "نزح الناس وجاءوا إلى المستشفى مصابين بجروح ناجمة عن أعيرة نارية وانفجارات وما إلى ذلك. في يوم واحد، أجريت عملية جراحية لثلاثة أشخاص على الأقل وكان يصل العدد الى أربعة أو خمسة أشخاص ".

msf_emergency_surgical_facility_in_qayyarah_october_2016.jpg
المنشأة الميدانية لمنظمة أطباء بلا حدود لجراحات الطوارئ

msf_qayyarah_hospital_feb_2017.jpg
مستشفى أطباء بلا حدود الميداني الجراحي في القيارة، ديسمبر 2016

من كانون الثاني الى أيار/مايو 2017 استقبلت غرفة الطوارئ في المستشفى 5,657 مصابا بالانفجارات أو بنيران قذائف الهاون، وتم افتتاح وحدة عناية مركزة من أربعة أسرة لتقديم الرعاية لضحايا الحروق والصدمات النفسية والحالات الحرجة الأخرى.

الأطفال في خطر

مع تقدم الجيش العراقي وصولًا إلى غرب الموصل، تمكنت المزيد من العائلات من الوصول الى منظمة أطباء بلا حدود وبدأت فرقنا الطبية في استقبال أطفال يعانون من سوء التغذية الحاد نتيجة نقص الغذاء في غرب الموصل المحاصر فأنشأت منظمة أطباء بلا حدود مركزًا للتغذية العلاجية المكثفة بسعة 12 سريرًا في مستشفى القيارة لعلاج الأطفال وخاصة من هم دون سن الستة أشهر.

وقدم مركز القيارة للتغذية العلاجية للمرضى الداخليين المساعدة للأطفال دون سن الخامسة، مع التركيز بشكل خاص على الأطفال الذين تقل أعمارهم عن ستة أشهر والذين هم في أعلى مستويات الخطر كما تضمن البرنامج منطقة صديقة للطفل ودعم الأمهات لاستئناف الرضاعة الطبيعية كما تم توفير رعاية الصحة النفسية المتعلقة بسوء التغذية.

msf_paediatric_nutrition_unit_in_qayyarah_2017-2019.jpg
طفل في وحدة التغذية العلاجية في مستشفى أطباء بلا حدود 2017

تغير الاحتياجات الصحية

مع انتهاء الحرب في أواخر عام 2017، أصبحت الاحتياجات الصحية في المنطقة أقل ارتباطًا بالحرب ولكنها مع ذلك في غاية الضرورة بسبب عودة المزيد من الأشخاص إلى منازلهم في المنطقة، جاء المرضى إلى منشآتنا مصابين بجروح ناجمة عن العبوات الناسفة على الطريق. كان هناك أشخاص يعانون من التهابات معوية بعد شرب المياه الغير صالحة للشرب، وبعضهم يعانون من تسمم غذائي بسبب نقص الكهرباء والغاز للتبريد والطهي وكان الأطفال على وجه الخصوص أكثر من يصابون بأمراض جلدية وطفح جلدي بسبب نقص النظافة.

لذلك قررت منظمة أطباء بلا حدود الاستمرار بالعمل بعد الحرب والاستجابة للاحتياجات الطبية المستمرة حيث وسعت المنظمة خدماتها في المستشفى لتشمل رعاية الأطفال ومركز التغذية العلاجية للمرضى الداخليين والرعاية المتخصصة لحديثي الولادة وعلاج الحروق والرعاية الصحية العقلية كما تم افتتاح غرفة عمليات ثانية في اذار/مارس 2018 لزيادة القدرة على اجراء العمليات الجراحية الحرجة لأهالي منطقة القيارة وخارجها.

هذا بالإضافة إلى غرفة طوارئ مفتوحة على مدار الساعة وطوال أيام الأسبوع، وتقديم الاستشارات للمرضى الخارجيين بمجالات مختلفة مثل أمراض الأطفال والأمراض المزمنة، وبرنامج التطعيم، وتوفير وحدة عناية مركزة للمرضى وواصلت منظمة أطباء بلا حدود توسيع المستشفى حتى أصبحت تسع 62 سريراً لدعم مديرية الصحة.

msf_qayyarah_hospital_female_inpatient_ward_january_2017.jpg
ردهة الرقود النسائية في مستشفى أطباء بلا حدود في القيارة، كانون الثاني/يناير 2017

msf_qayyarah_hospital_er_feb_2017.jpg
غرفة الطوارئ في مستشفى أطباء بلا حدود بالقيارة، شباط/فبراير 2017

msf_team_performs_surgery_for_burn_patient_2020.jpg
فريق أطباء بلا حدود يعالج مريضاً مصاباً بالحروق في وحدة الحروق في القيارة

المخيمات خارج القيارة

كان هناك ما يصل إلى مائة ألف نازح في المخيمات القريبة من مدينة القيارة (مخيمات جدعة ومدرج الطائرات). بدأت منظمة أطباء بلا حدود في تموز 2017 بتنفيذ مشروع التغذية المتكاملة والصحة النفسية داخل هذه المخيمات. وفي وقت لاحق قامت المنظمة بتوسيع نطاق الأنشطة الطبية المقدمة للنازحين لتشمل مركزًا للرعاية الصحية الأولية بما في ذلك خدمات الصحة الجنسية والإنجابية (رعاية ما قبل الولادة وبعدها، والرعاية الأولية للأمهات وحديثي الولادة، وتنظيم الأسرة)، وكذلك توفير غرفة طوارئ لاستقبال المرضى على مدار 24 ساعة فضلًا عن خدمات الرعاية واستشارات العيادات الخارجية للأطفال والبالغين بما في ذلك الأمراض المزمنة وحملة اللقاحات الوقائية ووحدة التغذية وخدمات الصحة النفسية، وأنشطة التوعية الصحية وحملات التوعية في المخيمات.

في الفترة من كانون الثاني إلى حزيران 2019، قدم مركز الصحة الأولية التابع لمنظمة أطباء بلا حدود المساعدة الطبية لأكثر من 130 مريضًا يوميًا مع تقديم أكثر من 13800 استشارة طبية و4600 استشارة طارئة والمساعدة في أكثر من 250 ولادة وكذلك تقديم أكثر من 500 جلسة نفسية فردية لسكان المخيم.

كان هناك أيضًا معاناة نفسية بين الناس بسبب الصدمات والنزوح، لذلك أنشأت منظمة أطباء بلا حدود وحدة رعاية صحية نفسية في المستشفى حيث تلقينا حالات اكتئاب وقلق شديد، بالإضافة إلى العديد من المرضى - معظمهم من النساء - ممن حاولوا الانتحار في المخيمات ومدينة القيارة.

بداية إعادة البناء

بعد عامين من الحرب، كانت إعادة تأهيل الرعاية الصحية في المنطقة تسير ببطء ولكن بخطوات ثابتة حيث بدأ إعادة بناء مستشفى القيارة العام ولم يكن هناك سوى الرعاية الصحية الأولية لعدد من سكان المنطقة الذين يبلغ عددهم 250 ألف نسمة.

تقول غوينولا فرانكواز، رئيسة بعثة منظمة أطباء بلا حدود في العراق "عندما وصلت إلى المنطقة في ايلول/سبتمبر 2019 كانت أعمال إعادة التأهيل مستمرة في مستشفى القيارة ولكن لا تزال هناك حاجة إلى الرعاية الصحية المتخصصة في المنطقة وكان يتم تحويل المرضى الذين يعانون من حالات معقدة إلى الموصل".

خلال هذا الوقت، واصلت منظمة أطباء بلا حدود متابعة وضع إعادة بناء الرعاية الصحية في المدينة وتقديم المساعدة في تلبية الاحتياجات المختلفة.

بداية جديدة لنينوى

في عام 2020 أصبحت مديرية صحة نينوى والجهات الفاعلة الأخرى في المنطقة أكثر قدرة على الاستجابة للاحتياجات الصحية كما ساهمت منظمة أطباء بلا حدود في بناء قدرات العديد من الأخصائيين الطبيين المحليين على مدى 4 سنوات وإنشاء وحدات رعاية صحية متخصصة في القيارة، قررت المنظمة تسليم أنشطتها الطبية إلى مستشفيات ومنشآت وزارة الصحة في كانون الثاني/يناير 2020 حيث سلمت منظمة أطباء بلا حدود وحدة تغذية الأطفال وحديثي الولادة إلى مستشفى القيارة العام.

في أيلول/سبتمبر 2020 قامت منظمة أطباء بلا حدود بتسليم غرفة الطوارئ، وغرفة العمليات المجهزة، وأنشطة العناية المركزة، وقسم المرضى الداخليين إلى مستشفى القيارة العام، ووحدة الحروق إلى مستشفى الجمهوري في الموصل، وأنشطة الرعاية الصحية الأولية إلى الهيئة الطبية الدولية التي تقدم الدعم في المنطقة.

استمرت منظمة أطباء بلا حدود في تقديم الدعم طوال فترة التسليم من خلال المزيد من التدريبات المتخصصة والتبرعات بالمعدات الطبية كذلك دربت المنظمة حوالي 350 موظفًا عملوا في مستشفى أطباء بلا حدود ومركز الرعاية الصحية الأولية في القيارة ضمنهم أكثر من 180 موظفًا طبيًا في مديرية الصحة وسيبقى معظمهم في مستشفى القيارة العام.

منظمة أطباء بلا حدود مستمرة بمراقبة الوضع في المنطقة بشكل عام والاستجابة في حالة الطوارئ كما تواصل المنظمة دعم مشاريعها في نينوى وكركوك وبغداد.

القيارة بالأرقام

من عام 2016 حتى عام 2020 عالجت منظمة أطباء بلا حدود أكثر من 67000 مريضًا في غرفة الطوارئ بالمستشفى من ضمنها اجراء أكثر من 11000 عملية جراحية. وفي عام 2019 وحده عالجت منظمة أطباء بلا حدود 750 مريضًا في مجال الصحة النفسية وإجراء أكثر من 700 ولادة وتقديم حوالي 46000 استشارة طبية في المخيمات.