22 مارس 2017 - آرتم يكتب من أوكرانيا عن تجربته مع مرض السل المقاوم للأدوية المتعددة.
اسمي آرتم، وعمري 35 سنة وأنا من منطقة دونتسك، إقليم مارينسكي، قرية كونستانتينوبولسك. ولدت في هذه المنطقة وعشت فيها طيلة حياتي.
في عام 2013 تمت إدانتي بجرم ارتكبته. وبعد أن قضيت عاماً من حكم السجن في المؤسسة العقابية تم تشخيصي بالإصابة بمرض السل، ولم يكن المرض مقاوماً للأدوية.
لقد كان ذلك التشخيص مفاجئاً لي. فالمكوث في المؤسسة العقابية ذاته كان اختباراً قاسياً لي؛ وقد كانت تلك الإدانة الأولى والوحيدة لي، وكانت بسبب خطأ ارتكبته. ارتكبته أنا بحماقة. كانت تراودني أفكار بأنني سأقضي وقتاً طويلاً في المؤسسة العقابية، ثم جاء تشخيصي بمرض السل، ما جعلني أنعزل وأنطوي على نفسي ولم أعد أكلم الناس، وبدأت أرسم في مخيلتي صوراً مرعبة.
"حاول عدة سجناء ممن أصيبوا بهذا المرض قبلي مواساتي والتخفيف عني"
لكن هذا الأمر فاقم من حالتي النفسية. فحاول عدة سجناء ممن أصيبوا بهذا المرض قبلي مواساتي والتخفيف عني، بعد أن رأوا حالتي النفسية. وضحوا لي أن السل ليس بالمرض الخطير جداً كما يعتقد الكثير من الناس، ويمكن الشفاء منه حتى في السجن، كما حدث معهم. وأضافوا أنه في مثل هذا الوضع عليك أن لا تبالغ في التفكير، بل أن تحصل على العلاج وتتحلى بالثقة وأن لا تيأس أبداً إن أردت النجاة من المرض.
تم نقلي إلى منشأة خاصة بمرض السل هي زدانوف آي سي رقم 3. وشرحوا لي القواعد المتبعة هناك وأن السجناء الذين يرفضون العلاج يتم عزلهم في جناح خاص. لم يجبرني أحد على العلاج، بل كان قراراً اتخذته. وبدأت بتلقي العلاج حيث لم يكن صعباً جداً لأن جسمي كان يتقبل الأدوية. وعندما اقتربت دورة العلاج من نهايتها ظهرت نتائج مقاومة الأدوية.
"عليك أن لا تبالغ في التفكير، بل أن تحصل على العلاج وتتحلى بالثقة وأن لا تيأس أبداً إن أردت النجاة من المرض"
في مارس/آذار 2015 تم تشخيصي بمرض السل المقاوم للأدوية المتعددة، لكن هذا الخبر لم يكن صادماً لي بقدر صدمة المرض الأولى. وقالوا لي أن هذا نوع أشد من أنواع السل لذلك سيتم تمديد دورة العلاج وسيتم استبدال الأدوية بأخرى أقوى.
لم يخبرني أحد عن سبب هذا التقدم في المرض، لكنني لم أدخل في التفاصيل، وكل ما عرفته هو أنني أتناول الدواء بموجب الوصفة. كنت في المرة السابقة على وشك أن أنتهي من العلاج وظننت أن الأمر سيكون سهلاً كسابقه. لكن العلاج هذه المرة كان صعباً جداً.
اعتاد جسمي مسبقاً على نوع من الأدوية، وأصبح عليه البناء من جديد. كانت الأشهر الثلاثة الأولى لا تطاق: كنت أشعر بتوعك شديد، وأشعر برأسي كأنه مكواة وبألم في كبدي. كانت مشكلتي الأساسية هي التقيؤ بعد تناول الدواء. كان بعض المرضى يتقاسمون الدواء لكنني كنت أتناول كل أدويتي.
كثيراً ما كنت أفكر في التوقف عن العلاج. رأيت سجناء كانت لديهم هذه الأعراض خلال فترة العلاج وفكرت أنني لن أتحمله لمدة طويلة. كنت غاضباً جداً من نفسي بسبب ضعفي، لكن الغضب ذهب عني بعدها. رأيت سجناء يموتون بسبب السل لأنهم إما لم يتلقوا العلاج أبداً أو توقفوا عن تلقيه ثم عادوا إليه لكن متأخرين.
"لقد جعلني التغلب على هذا المرض قوياً ليس فقط في بدني بل في روحي أيضاً"
كانت أخبار سارة لي وهي أني سأحصل على إطلاق سراح مشروط. في يوليو/تموز 2015، تابعت العلاج في مستوصف علاج السل في تورتسك. كانت الأدوية هي ذاتها لكن تلقي العلاج كان أسهل بكثير: تغذية جيدة وظروف جيدة وتعامل الطاقم الطبي. فقد كان الأطباء والممرضون، بالرغم من صرامتهم، كانوا مخلصين ومتفهمين وشرحوا لي ما ينبغي علي فعله وكيف أفعله، واعتنوا بي بشكل أفضل.
كما أن دعم الأقارب ساعدني كثيراً أيضاً. لم ينبذني ولم يقاطعني أحد بل عاملني الجميع بتفهم. أثناء وجودي في المؤسسة العقابية وبسبب اندلاع النزاع العسكري في أوكرانيا، لم تتسن فرصة لأختي كي تزورني لكنها كانت تدعمني معنوياً بشكل دائم. وبعد أن غادرت المؤسسة العقابية وكنت ما زلت ضمن فترة العلاج الداعم عشت مع عمتي. لم أسمع من عمتي أي كلمة لوم أو توبيخ على مرضي لأنها أصيبت به مرتين قبلي وتعافت منه لذلك كانت تعرف ما هو.
إذا حصل وأصبت بمرض السل من جديد، وكان لدي خيار أن أتلقى العلاج أو لا أتلقاه، فسأختار أن آخذه، بالرغم من طريقه الطويل والشاق الذي سلكته. لدي الكثير من المشاكل المعلقة لكن حلَّها يعتمد على عدد من العوامل والظروف. أما الالتزام بعلاج السل فيعتمد عليَّ بشكل كلي. وهذا هو انتصاري الكبير على نفسي وقد جعلني التغلب على هذا المرض قوياً ليس في بدني فقط بل في روحي أيضاً. أنا الآن صحيح معافى ولدي من القوة ما يكفي لحلِّ المشاكل الأخرى.